ثانيًا: القاعدة أنه ليس كل منتقد يجب ذكر ما أصاب فيه وأخطأ فيه , بل هذا في العدل من المسلمين فقط , والعدل هو الصدوق الذي غلبت حسناته سيئاته , كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ((من ترك الكبائر , وكانت محاسنه أكثر من مساوئه , فهو عدل)) , نقله الأمير الصنعاني في ((ثمرات النظر)) (ص 73) , وقال: ((وهذا قولٌ حسنٌ)).
أما هنا فالأمر منعكس , فالمنتَقَد كذاب كما سيأتي برهان ذلك في باب مستقل ـ هو أكبر أبواب الكتاب ـ.وظلوم مع ذلك في انتقاده للألباني ـ رحمه الله ـ وغير مخلص يدل على ذلك تبنيه نقد الألباني دون غيره ممن عاصره من الغماريين , وبلاياهم لا تحصى ولا تُعد في العقيدة
وغيرها , مع ضعفهم في العلم , فسكوته عن خطأ هؤلاء ـ وهو أشنع ـ يدل على عدم إخلاصه وبُعده عن التجرد , لكن السبب واضح , فهؤلاء الغماريون قدوته في البدعة , بل قد نذر نفسه للأخذ بالثأر من الألباني لتعرضه لهم في كتبه!.
وفي ((الكفاية)) للخطيب البغدادي (ص 117) , من طريق ابن أبي الدنيا , قال: حدثني أبو صالح المروزي , قال: رافع بن أشرس , قال: ((كان يُقال: إن من عقوبة الكذاب أن لا يقبل صدقه , قال: وأنا أقول: ومن عقوبة الفاسق المبتدع أن لا تذكر محاسنه)) اهـ.
قلتُ: وأنا أقول بهذا.
ثالثًا: ندرة ما أصاب فيه أصلاً وحقارته إذا ما قيس بالكم الهائل في أخطائه وأكاذيبه وعظمها وفحشها , قال الدارقطني: ((رُبَّ حديث يسقط مائة ألف حديث)).
رابعًا: يُغتفر الخطأ ويتحتم ذكر الصواب في حالة سلامة المنهج , والمبتدع هذا منهجه مبني على: الكذب والتحريف وبتر النقول والتناقض واللعب على الحبلين , كما سيأتي مفصلاً في أبواب الكتاب.
خامسًا: ظهر باعترافه وبالقرائن الكثيرة , بغضه لأهل السنة , وتقديسه لأهل البدع
كالصوفية والقبورية ـ وهو منهم بلا ريب , بل من قادتهم كما في كتابه: كشف الستور
عمّا أُشكل من أحكام القبور.
وفي هذا الكتاب ذم شيخ الإسلام ابن تيمية , ومحمد بن عبد الوهاب , وابن باز , وابن
عثيمين.
وقال عن الشاطبي ص 53: أنه ((ضال مبتدع)).
ويجعل مسألة التبرك بالقبور مسألة فرعية , فقال (ص 110): ((فبناء قبر على مسجد , والتبرك بآثار الصحابة هما من مباحث الفروع عند علماء الإسلام , إلا عند الشواذ الذين أ دخلوا الفروع في الأصول فاضطربوا وكفروا المسلمين , واتهموهم بالوثنية , وسقط
الميزان الصحيح من أيديهم))!.
كذا قال.
ومن بلاياه في هذا الكتاب الترويج لكون الدعاء عند القبور مستحب , وأن النذر والذبح
لغير الله في هذا الأماكن لا شيء فيه.
وأنا بإذن الله وتوفيقه بصدد تأليف كتاب موسوعي أتناول فيه أحاديث التوسل والقبور , وسيتخلل ذلك نقد أباطيله في هذا الكتاب , وكتاب رفع المنارة وغيرهما مما يروج فيه
هو وغيره للتمسح بالمقابر , والطواف حول الأضرحة والمشاهد , وإحياء الوثنية من جديد
.
سادسًا: للحافظ ابن رجب رسالة نفيسة اسمها: ((الفرق بين النصيحة والتعيير)) ,
جاء فيها قوله: ((وتنقصه وتبيين جهله وقصوره ونحو ذلك كان محرمًا , وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين , فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم , فيجوز بيان
جهلهم , وإظهار عيوبهم تحذيرًا من الاقتداء بهم.
فصلٌ: ومن عرف منه أنه أراد برده على العلماء النصيحة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم , فإنه يجب أن يعامل بالإكرام والاحترام والتعظيم كسائر أئمة المسلمين ....
ومن عرف منه أنه برده عليهم التنقص والذم وإظهار العيب , فإنه يستحق أن يُقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظراؤه عن هذه الرذيلة المحرمة , ويعرف هذا القصد تارةً بإقرار الراد واعترافه , وتارةً بقرائن تحيط بفعله وقوله.
فمن عرف منه العلم والدين وتوقير أئمة المسلمين واحترامهم , لم يذكر الرد وتبيين الخطأ إلا على الوجه الذي يراه غيره من أئمة العلماء .... ومن لم تظهر منه أمارات بالكلية تدل على شيء فإنه يجب أن يحمل كلامه على أحسن محملاته , ولا يجوز حمله على أسوأ حالاته , وقد قال عمر رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءًا , وأنت تجد لها في الخير محملاً)).
قلت: وقد ظهر بالاعتراف والقرائن أن المخالف من الصنف الثاني من هذه الأصناف الثلاثة.
¥