وعنده أنه لا تعيد الحائض ولا المغمى عليه إلا ما أدركا وقته وما فات وقته فلا إعادة فيه عليهما ولا على من جرى مجراهما كالكافر يسلم والصبي يحتلم فأقل إدراك يكون لمن لم يدرك إلا مقدار تكبيرة
وقال فيمن ذهب عقله فيما لا يكون به عاصيا قضى كل صلاة فاتته على حال زوال عقله وذلك مثل السكران وشارب السم لا السكران عامدا لذهاب العقل
قال أبو عمر قوله - عليه السلام - ((من أدرك ركعة)) يقتضي فساد قول من قال من أدرك تكبيرة لأن دليل الخطاب أنه من لم يدرك من الوقت مقدار ركعة فقد فاته ومن فاته فقد سقطت عنه صلاة الوقت إذ كان مثل الحائض والمغمى عليه ومن كان مثلهما
وما احتج به بعض أصحاب الشافعي لهذه القولة حيث قال إنما أراد - عليه
الاستذكار ج:1 ص:43
السلام - بذكر الركعة البعض من الصلاة فكأنه قال من أدرك عمل بعض الصلاة في الوقت ومعلوم أن تكبيرة الإحرام بعض الصلاة
والدليل على أنه أراد البعض من الصلاة قوله في بعض الأحاديث ((من أدرك ركعة)) وفي بعضها ((من أدرك ركعتين)) وفي بعضها ((من أدرك سجدة)) فدل أنه أراد بعض الصلاة والتكبيرة بعض الصلاة فمن أدركها فكأنه أدرك ركعة من الصلاة
قال أبو عمر هذا ينتقض (1) فليس بشيء لأنه ينتقض عليه بذلك ما أصله في الجمعة لأنه لم يختلف في أنه من لم يدرك ركعة بسجدتها من الجمعة لم يدركها وهو ظاهر الخبر لأن قوله من أدرك ركعة من الصبح أو من العصر يريد من وقتهما في معنى قوله من أدرك ركعة من الصلاة وقوله في جماعة أصحابه من لم يدرك ركعة تامة من الجمعة أتمها ظهرا أربعا وهذا يقتضي على سائر أقواله وهو أصحها وهو قول مالك
وقال أبو حنيفة وأصحابه - وهو قول بن عليه ومن طهرت من الحيض أو بلغ من الصبيان أو أسلم من الكفار لم يكن عليه أن يصلي شيئا مما فات وقته وإنما يقضي ما أدرك وقته بمقدار ركعة فما زاد إلا أنهم لا يقولون باشتراك الأوقات لا في صلاتي الليل ولا في صلاتي النهار وسيأتي ذكر مذهبهم في الجمع بين الصلاتين في السفر في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله
وقول حماد بن أبي سليمان في هذا كقول أبي حنيفة ذكر غندر عن شعبة قال سألت حمادا عن المرأة تطهر في وقت العصر قال تصلي العصر فقط
وأما المغمى عليه فإن أبا حنيفة وأصحابه ذهبوا فيمن أغمي عليه خمس صلوات فأقل ثم أفاق أنه يقضيها ومن أغمي عليه أكثر من ذلك ثم أفاق أنه لا يقضي شيئا
وهو قول الثوري إلا أنه قال أحب إلي أن يقضي
وقال الحسن بن حي إذا أغمي عليه خمس صلوات فما دون قضى ذلك كله إذا أفاق وإن أغمي عليه أياما قضى خمس صلوات ينظر حين يفيق فيقضي ما يليه
وقال زفر في المغمى عليه يفيق والحائض تطهر والنصراني يسلم والصبي يحتلم إنه لا يجب على أحد منهم قط صلاة إلا بأن يدركوا من وقتهما مقدار الصلاة كلها بكمالها كما لا يجب عليهم من الصيام إلا ما أدركوا وقته بكماله
وقول زفر هذا خلاف حديث أبي هريرة ((من أدرك ركعة من الصبح أو من العصر
الاستذكار ج:1 ص:44
وقول أبي ثور في هذا الباب كله كقول مالك سواء
وقال أحمد بن حنبل في الحائض تطهر والكافر يسلم والغلام يحتلم مثل ذلك أيضا
وقال في المغمى عليه يقضي الصلوات كلها التي كانت في إغمائه
وهو قول عبيد الله بن الحسن لا فرق عندهما بين النائم والمغمى عليه في أن كل واحد منهما يقضي ما فاته بالنوم والإغماء
وهو قول عطاء بن أبي رباح
وروي مثل ذلك عن عمار بن ياسر وعمران بن حصين
وروى بن رستم عن محمد بن الحسن أن النائم إذا نام أكثر من يوم وليلة فلا قضاء عليه
قال أبو عمر لا أعلم أحدا قال هذا القول من الفقهاء غير محمد بن الحسن في هذه الرواية عنه والمشهور عنه في كتبه غير ذلك كسائر العلماء ورواية بن رستم عنه خلاف السنة فيمن نام أو نسي أنه يقضي
وقد أجمعوا أنه من نام خمس صلوات فدون أن يقضي فكذلك في القياس ما زاد على الخمس
وكذلك قول من قال في المغمى عليه أنه يقضي خمس صلوات ولا يقضي ما زاد - لاحظ له في النظر
ولا حجة لهم في حديث عمار لأنه قضى صلاة يوم وليلة إذ أغمي عليه ولم يقل إنه لو أغمي علي أكثر لم أقض
ولا فرق في القياس بين خمس وأكثر من خمس
¥