تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كيف يظهر للعقول سواه ** وسناه كسا العوالم جملهْ

فتراه في كل شيء تراه ** فهو الكل دائما ما أجَلّهْ

فافن فيه صبابة وهياما ** إنما الصب من يعيش مُوَلَّهْ

فتراه في كلمته هذه يخلط وحدة الشهود بوحدة الوجود تلبيسا وتدليسا, وهدفه واحد , وهو قوله: (فهو الكل دائما ما أجله) , وقد زعم مريدوه أنه لما أنشأ هذه الأبيات وأملاها على السامعين , انشق الكرسي الخشبي الذي كان جالسا عليه , قالوا: وهو الكرسي الموجود إلى الآن بالجامع, والشق فيه ظاهر, ولكن هذه خرافة.

ومن أزجاله المعبرة:

نِلْتُ ما نَوَيْتْ * لمّا رأيتُ حِبِّي

وذاتي رأيتْ

مُدَّهْ لي وَ نَا مَهْجُورْ * وأنا الحبيبْ

وَسِرِّي عَنِّي مَسْتُورْ *و هو قريبْ

لله يا صاحِ وَانْظُرْ * ذا الأمر العجيبْ

عنِّي قدْ خَفيتْ * وشمسي مني تطْلُعْ

وَنَا ما دَرَيْتْ

هذا المحبوبْ إذا رْضا * يْرضى كل شِيءْ

وْاللِّي يْهْوى وْصالُو *ذاتُو يْطْوِي طَيْ

وْعْلى جِهاتُو دَايِمْ * ما يْبْقى لُو رَايْ

أَنَا مَنْ هَوِيتْ * وَ خَمْري مِنِّي اشْرَبْتْ

وَعَنِّي رَوَيْتْ

يا طَالِبَ الْحَقِيقا * اِسْمَعْ ما أَقُولْ

مِنْكَ هِيَ الطَّرِيقَا * وَ لَكَ الْوُصُولْ

فَزُلْ تَرَاكَ حَقَّا * بَعْدَ مَا تَزُولْ

إِلَيْكَ انْتَهَيْتْ * وَ لَيْسَ ثَمَّ غَيْرُكْ

وَ بِكَ بَقَيْتْ

ويقول في زجل آخر:

مَا يْلِي في غْرَامَكْ جِهَاتْ * كُلْ شِي هُوَ عَيْنْ الذَّاتْ

غَيْرْ سِرَّكْ يْظْهَرْ في قْوَالْبْ الْمْعانِي * مَعْرُوفْ بِعْلاَيْمْ الرّْضَا

وله من هذا الكثير , و في شعره العربي تائية مشهورة , وهي التي يتغنى بها القوالون فيما يسمى حلق الذكر, أو (العمارة) , أي: الرقص , و قد شرحها المكي ابن سودة , وشرحه مطبوع على الحجر , كما شرحها بعده ابن القاضي العباسي الفاسي في مجلدين , و هو مخطوط , و قد نحى فيها منحى ابن الفارض على قصور في المبنى و المعنى , و في مطلعها يقول: [الطويل]

أتطلب ليلى و هْي فيك تجلّتِ * و تحسبها غيرا و غيركَ لَيْسَتِ

فَذَا بَلَهٌ في مِلَّةِ الحُبِّ ظَاهِرٌ * فَكُنْ فَطِناً فـ (الغير) عَيْنُ القَطِيعَةِ

ومن تأمل ديوانه وهو مطبوع، وجده يدور كله حول وحدة الوجود والاتحاد، و هو في شعره الموزون عالة على ابن الفارض و الششتري , فتراه إذا قرأ قطعة لهما و أعجبته حاول موازنتها , يُعرف هذا بالمقارنة.

ومن أقران الحراق في هذا المجال , أحمد بن عجيبة التطواني , إلا أنه لم يستطع مجاراته في النظم , وأتى بأنظام كثيرة , إلا أنها ركيكة مختلة الوزن , ضعيفة النسج , وإنما له القدح المعلى في النثر، فقد ملأ كتبه كلها إلا القليل من هذا البلاء , وأبدأ وأعاد بأساليب متنوعة , يتخللها التكرار والألفاظ الاصطلاحية المملة، و لا سيما في تفسيره (البحر المديد) , الذي من قرأه ـ وهو مؤمن موحد ـ جزم بأنه تفسير باطني محض , وأنه من التفسير بالرأي حتما , وأنه عبث بالقرآن , نسأل الله العافية.

و له عبارة واحدة منظومة تطوي فكرته كلها حول هذا الموضوع , و هي قوله في كتابه (الفتوحات الإلهية , شرح المباحث الأصلية):

إياك أن تقول أَناهْ * واحْذرْ أن تكون سِواهْ

وممن أدلى من المعاصرين بدلوه , الشيخ محمد بن الصديق الغماري , فنظم قصيدة رائية ليس له غيرها، و خمسها لنجله الأكبر أبو البيض أحمد , وهي غاية في الركاكة والاختلال والضعف , ومع هذا فمريدوه يتغنون بها ومنها: [الطويل]

شربنا مع ذكر الحبيب حلاوة * فهمنا بها عن كل ما يشغل

الفِكْرا

و نزّهنا أفكار العقول عن (السِوَى) *و تِهْنا دلالا عند سماعنا

الذِّكْرا

ومالت منا الأطراف شوقا إلى اللِقا * ففاضت دموع العين والقلب في البُشْرى

و َبَدا لنا سرّ جَمْعِ قلوبنا * فغبنا بها عن كل مَن يزعم

النُّكْرا

ذهبت عنا الأكدار فلم يبق لنا * مع الذكر شيء يؤلم سرّا

اَوْ جَهْرا

و بقيتها أحطُّ وأركّ , وأنزل منه درجة نظم أحمد بن عليوة المستغانمي , ففي ديوانه وهو مطبوع سخافات لا تتزن بعروض ولا ميزان , إلا النغم و الغناء عندهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير