تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: من الآية20) بعد أن أورد وجوها عدة في ترجيح ما رآه وَحْدَهُ صوابا, وهو أن المراد بهذه الآيات كلِّها العصريون الحزبيون عموما, والاستقلاليون والإصلاحيون بالمغرب خصوصا, لِما كان بينه وبينهم من عداء مستحكم, حمله على تسمية جمال عبد الناصر وعلال الفاسي في طبعته الأولى, زاعما أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بمدح جمال وذم علال, وأورد في تفسير الآية عن سلمان الفارسي أثرا لا يصح, أن أهل هذه الآية لم يأتوا بعد, وهو مسبوق بهذا النقل, وما ترتب عليه من فهم من عدوه اللدود, يوسف النبهاني فإنه أشار إلى ذلك في شرحه لرائيته الصغرى المطبوعة ضمن ديوانه, كما أن احتجاجه بتلك الآية لم يكن من استنباطه, بل سبقه إليه شقيقه الشيخ الزمزمي في رسالته المخطوطة (كشاف الأخدان، عما في القرآن، من أمور ظهرت في هذا الزمان). وقد قرأها أبو البيض وسطا على ما فيها من مزاعم حول تلك الآيات وكتب عليها بخطه , وقال بعد هذا كله من المطابقة:

(أما منافقو زمانه صلى الله عليه وسلم فلم يحصل منهم فساد في البقعة الصغيرة, التي كانوا بها مطلقا, فضلا عن أن يحصل منهم في الأرض, بل ما صدر منهم مما يسمى فسادا في الأرض مقدار شعرة بالنسبة لثور مما صدر من هؤلاء, بل لم يصدر من أولئك فساد أصلا, إلا ما كان في نفوسهم من الكفر الحاصل عليهم, وهو النفاق فكيف يمكن حمل الآية عليهم وهم أبرياء منها!!).

تأمل هذا الكلام الذي يتضمن تكذيبا غير مباشر لله تعالى, وتحديا للقرآن الذي لاحق المنافقين في عشرات الآيات.

ثم قال أبو البيض:

(فأقسم بالله تعالى أن الله تعالى ما أراد بالآيات الكريمات إلا هؤلاء المارقين, وأنه لو رآهم المفسرون من السلف, لقطعوا بذلك, ورجعوا عن تنزيلهم الآيات على منافقي عصر النبي صلى الله عليه وسلم).

وأذكر هنا ما اتفق لي حول هذا الموقف مع شيخنا الإمام المجدد بحق لعلوم الحديث والأثر, أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله, حيث زرته للمرة الأولى بمنزله بالمدينة النبوية عام 1382 هـ , فذاكرني في موضوع أبي البيض وتآليفه, وكتابه (المطابقات) واستنكر ما ارتكبه فيه من مصائب, منها تسمية جمال وعلال, والزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليهما, ومنها وهو أكبرها إقسام أبي البيض على مراد الله تعالى, فليت شعري, هل أوحي إليه بذلك؟!

فأجبته وأنا مستغرب غاية: بأن ذلك كان من رد الجميل للعسكر بمصر, فقال الشيخ: (وهل يكون رد الجميل على حساب القرآن والحديث؟!) فأمسكت ولم أحر جوابا.

الفصل الثالث

قوله بفناء النار

أو أن عذابها ينقلب عذابا ونعيما

وتنويهه بكلام ابن القيم في ذلك في كتابه

(حادي الأرواح وغيره)

مما تفق عليه علماء السلف الصالح في ما يرجع إلى العقيدة, إيمانهم بوجود الجنة والنار الآن, وأنهما باقيتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان, إعمالا للنصوص المتواترة المتكاثرة في القرآن والسنة, بحيث أصبحت هذه المسألة من البدهيات التي يسشنع الخلاف فيها, ولم يخالف فيها إلا أبو الهذيل العلاف المعتزلي الهالك, ومن تبعه مستدلين بفلسفة بائرة, مفادها استحالة دوام حركة بلا انقطاع إلى ما لا نهاية, حتى حُكِيَّ عنه من شناعته قوله بأنه لا بد أن يأتي على أهل الجنة والنار يوم تبطل فيه حركاتهم, وتتوقف نهائيا, وتبعه على هذا الضلال المبين الشيخ الأكفر محمد بن علي بن العربي الصوفي, فذكر في الفتوحات أنه سيأتي على النار يوم تصفق فيه أبوابها, وينبت فيها الجرجير (اسم نبات) وذلك لخلوها, ولم يلحظ الإمام المجتهد الداعية ابن القيم إجماع من يعتد بهم من أئمة السلف على بقاء الجنة والنار, وعدم فنائها, ووثق بفهمه واجتهاده واستقلاله فأعلن رأيه دون مواربة بعد أن أطال في الاستدلال, ودفع الاشتباه والاحتمال, ببيانه المشرق, ونفسه الفقهي العالي, حيث من قرأه وتدبره مليا انساق معه متأثرا برأيه, مأخوذا بقوة وعيه, وذلك في كتابه العجاب (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) وغيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير