تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الرابع: ينشأ عن ذلك الاعتبار مفاسد، منها: أن يعتبر العامل نفسه في نهار المشرق فيصلي الظهر في الساعة العاشرة صباحاً بوقت المغرب، ويصلي العصر في الساعة الواحدة، إذ لا فرق في الاعتبار بين الصلاة والصوم، ولا بين الليل والنهار، ومن خذلان صاحب الإشكال أن اخترع ذلك الاعتبار ليفسد به قول الداعين إلى صيام المغرب برؤية المشرق، فوقع به في فساد، لم يخطر على باله. الخامس: أن الأحكام الفقهية لا تبنى على الاعتبارات المُخّية، لكن تبنى على الأسباب الشرعية. والعمل برؤية المشرق، حكم فقهي بني على سبب شرعي، وهو الاشتراك في الليل. السادس: قرر أهل الأصول في مبحث المناسبة: (أن الوصف الذي يبنى عليه الحكم لا بد أن يكون مناسباً له)، بمعنى أن يترتب على انبناء الحكم عليه مصلحة يقصدها الشارع. كمظنة المشقة التي علل بها الفطر وقصر الصلاة في السفر، فإنه ترتب عليها التخفيف. وهو مقصود للشارع.< o:p>

قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُم الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُالْعُسْرَ) [67] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn67). وكذلك الاشتراك في الليل، مناسبة لصيام المغرب برؤية المشرق، لأنه يترتب على اتحاد المسلمين في شعائر دينهم، والاتحاد أهم مقاصد الدين بعد الإيمان. حتى إن عمر t ( لما رأى الصحابة يصلون التراويح فرادى، ساءه منظر تفرقهم، واختلافهم في القيام والركوع والجلوس والسجود. فجمعهم على أبي بن كعب t ( يؤمهم. ولما خرج مرة أخرى ووجدهم يصلون مجتمعين، سره منظر اتحادهم، وقال: (نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) [68] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn68) وكره بعض التابعين للمصلين في جماعة، أن يتنفلوا بعض الصلاة فرادى. وقال: (بينما هم جميع، اختلفوا). واعتبار العامل نفسه في رمضان المشرق، لا مناسبة فيه بل لا وجود له. وإنما اخترعه صاحب الإشكال ليفسد به قول الداعين إلى الاتحاد، ناسياً قول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) [69] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn69).

السابع: أن السبب الذي بني عليه الحكم يجب أن يكون مطرداً، لا يختلف في صورة من صور الحكم، كالزوال لوجوب الظهر، ومغيب الشفق لوجود العشاء، والاشتراك في الليل لوجوب صيام المغرب برؤية المشرق، فهذه الأسباب قائمة مطردة، لا تتخلف على مدى الدهر. أما باعتبار العامل نفسه في رمضان المشرق فأمر عدمي لا وجود له، إلا في ذهن المعتبر، وليس كل واحد يلاحظ هذا الاعتبار أو يتفطن له، كما هو الشأن في الاعتبارات الذهنية الخيالية. فكيف يبنى حكم فقهي على أمر خيالي لا وجود له؟ وكيف ينسب القول به أو بما يلزم عنه إلى العلماء الذين يوجبون الصيام برؤية المشرق؟ وهم أعقل وأذكى من أن ينطقوا بهذا السخف؟ فإن قال: هو لازم لقولهم، قيل له: نعم، في مخك! بحسب فهمك، أما عند العلماء فلا تلازم بينهما ولا تقارب.< o:p>

الثامن: أن ذلك الاعتبار يؤدي إلى أن يكون الناس في رمضان قسمين: من لاحظ واعتبر نفسه في رمضان المشرق وجب عليه الصيام، ومن لم يلاحظ لم يجب عليه الصيام، ولم يعهد في فريضة عينية، أن تجب على شخص دون الآخر، إلا لعذر كمرض مثلاً. فإن قيل: يجب على الشخص أن يعتبر نفسه في رمضان المشرق، كما قال صاحب الإشكال فيما مرَّ عنه. فإذا رؤي هلال رمضان بالمشرق وجب على العامل برؤيته أن يعتبر نفسه في رمضان من وقت الرؤية، قلنا: يبطلهما ما يأتي، وهو: التاسع: أن الواجبات المطلقة تكون أسبابها أموراً غير مقدورة للمكلف، خذ مثلاً: الصلوات الخمس أسباب وجوبها أوقات خارجة عن قدرة المكلف، كالزوال والغروب، والصيام، سببه ظهور الهلال، والزكاة سبب وجوبها [70] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn70) حولان الحول، بل التكليف من أصله (يناط) بسبب ليس في طاقة الشخص وهو البلوغ، بخلاف الواجبات المقيدة، فإن أسبابها أفعال المكلف، لأنها إنما وجب عقوبة عليه وكفارة عنها، كالواجبات التي أوجبها الشارع على القاتل المخطئ، والمظاهر، والمفطر في رمضان عمداً، والحانث في يمينه، والناذر نذر اللجاج، وذلك الاعتبار فعل المكلف، لا يجوز أن يكون سبباً للصيام الذي هو فريضة مطلقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير