الخطية المكتوبة بأقلامهم أو بأقلام تلاميذهم على منفعة المسلمين و المتعلمين فكانت هذه المؤلفات الخطية الثمينة تودع في دور الكتب العامة أو مكتبات المعاهد أو المساجد و منها المكتبة الجامعة للأزهر الشريف و مكتبات أروقته المختلفة و نشأ عن هذا أن أصبحت مكتبة الأزهر الشريف زاخرة بعدد وافر من المؤلفات الخطية بأقلام مؤلفيها أنفسهم أو بإملائهم على الطلبة و تصديقهم عليها للمراجعة.
و أتى وقت ضمت المكتبة في خزائنها مجموعة خطية قيمة قل أن يوجد مثلها في أي معهد أو مكتبة في أنحاء العالم منذ فجر التاريخ و كانت هذه المؤلفات العظيمة موضع استفادة الكثيرين من الأساتذة و الطلاب و جعلوها كأصول يضيفون عليها بخطوطهم الملاحظات و المذكرات و الحواشي و الشروح فأصبحت هذه الأصول جامعة لآراء الكثيرين من فحول أهل العلم في عصورهم المتعاقبة و كان من حسنات الذين أغدقوا الخير على الأزهر من خيرات و هبات أن أودعوا في أروقته الكتب للرجوع إليها في التدريس و رغبة في الاستفادة منها للاطلاع.
و على هذا نشأت المكتبة في الجامع الأزهر و اتسعت شيئا فشيئا بتوالي السنين و ضمت بين محتوياتها أغنى و أنفس مجموعة من نوعها من تراث الإسلام و العلوم الإسلامية الأزهرية مدونة في أصولها و مراجعها»
و يمكن أن يضاف إلى هذا التعليل عدم وجود المطابع و قلتها في العصور السابقة.
كذلك مما تمتاز به المكتبة الأزهرية إمكان إعارة بعض الملازم من الكتاب (تغييره) لراغبي الإطلاع من العلماء و الطلبة و هي إنما تفعل ذلك لتيسر لهم سبل الانتفاع بكتبها و هو تقليد قديم أصبح في حكم النظم المقررة بها
9) موظفو المكتبة الأزهرية
كان للمكتبة الأزهرية حين أنشئت أربعة من الموظفين الدائمين و هم الأمين و الكاتب و المغير و الخادم و قد انتدب لها أربعة من العلماء ليعملوا مؤقتا في جميع الكتب و ترتيبها تحت ملاحظة الأمين و كان المبلغ المقرر لهم يصرف من ميزانية المكتبة و كانت ميزانيتها في السنة 314 جنيه و كان مرتب الأمين عشرة جنيهات شهريا و سارت المكتبة مع الزمان و نهجت سبيلا للرقي و كثر موظفوها و أصبح لها ميزانية مستقلة و بلغ عدد موظفيها سنة 1943 عشرين موظفا منهم ستة عشر معينون على درجات بميزانيتها و هم الأمين و المعاونان و الكاتبان و خمسة مغيرين و جندي المطافئ و خمسة من الخدم و أربعة يعملون بطريق الندب في عمل الفهارس و رئيس المكتبة يسمى الأمين و قد ظل هذا لقبه منذ إنشائها إلى الآن و أضيف إليه في بعض الأوقات «مراقب عموم الكتبخانات الأزهرية» و قد ولي هذه الوظيفة من وقت إنشائها إلى الآن أربعة و هم بترتيبهم التاريخي:
الأستاذ الشيخ محمد حسنين مخلوف
و الأستاذ الشيخ طه سليم البشري
و الشيخ إبراهيم طموم
و الشيخ أبو الوفا مصطفى المراغي
و قد شغل الأستاذ مخلوف هذه الوظيفة من سنة 1897 إلى سنة 1908 حين عين مفتشا بالمعاهد الدينية
و شغلها الأستاذ البشري إلى سنة 1936
و الشيخ إبراهيم طموم بطريق النيابة و التعيين إلى أول سنة 1943 ثم أحيل إلى المعاش
و عين الشيخ أبو الوفا المراغي ‹9› الأمين الحالي خلفا له
و يقتضينا الإنصاف أن نذكر أن خير العهود التي مرت بالمكتبة هو عهد الأستاذ محمد حسنين مخلوف و صدر من عهد الأستاذ البشري فقد كان لتبريز الأستاذ مخلوف العلمي [و إداري] أثره الظاهر في خدمة المكتبة و إذا كان الأستاذ الإمام فضل التفكير في إنشائها فقد كان للشيخ مخلوف فضل تنظيمها و استقرارها و لازالت آثاره ناطقة بحسن تفكيره و إخلاصه في خدمتها و لازالت الكتب و السجلات تحفظ له آثاره الجليلة في استنساخ الكتب و تكميلها و تمييزها إلى فنونها و لو دامت عملية استنساخ الكتب و تكميلها نشيطة كما كانت في عهده لحصلت المكتبة على كثير من النفائس الخطية التي انفردت بها المكتبات الأخرى.
و قد عثرنا على صورة تقرير وضع لمناسبة خاصة أعجبنا جد الإعجاب بما تضمنه من الاقتراحات الناضجة و بأسلوبه الأدبي الرائع و حسبي أن أذكر هنا رءوس موضوعاته و اقتباس ما كتب عن موضوع منها، و الموضوعات التي اشتمل عليها هي:
¥