[حمل كتابي (الحافظ ابن حجر ومنهجه في تقريب التهذيب) للشاملة 3+ورد]
ـ[علي 56]ــــــــ[10 - 08 - 08, 08:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، ونستعين ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإنَّ علم الجرح والتعديل هو أحد أنواع العلوم المتعلقة بالرواة: وهذا العلم يعدُّ من الأهمية بمكان؛ ذلك أن الغرض من معرفته حفظُ سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فمن أهميته: إجماع أهل العلم على أنه لا يقبل إلا خبرُ العدل، كما أنه لا تقبل إلا شهادة العدل؛ لذلك كان السؤال عن المخبِر من أهل العلم والمعرفة واجباً محتماً.
وإذا كان معرفة أحوال الرواة من أوجب الواجبات لحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن بيان حال من عُرف بالضعف أو الكذب، وكذا من عُرف بالضبط والعدالة من ذلك الواجب أيضاً؛ ليعرف الناس حقيقة أمر من نقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمة.
قال عبد الله بن المبارك: " الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ وَلَوْلاَ الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ".
- وقال عَبْدَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: " الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ: مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَوْلَا الْإِسْنَادُ وَطَلَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ لَهُ وَكَثْرَةُ مُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى حِفْظِهِ لَدَرَسَ مَنَارُ الْإِسْلَامِ، وَلَتَمَكَّنَ أَهْلُ الْإِلْحَادِ وَالْبِدَعِ فِيهِ بِوَضْعِ الْأَحَادِيثِ، وَقَلْبِ الْأَسَانِيدِ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ إِذَا تَعَرَّتْ عَنْ وُجُودِ الْأَسَانِيدِ فِيهَا كَانَتْ بُتْرًا "
وقال الْقَاسِمَ بْنَ بُنْدَارٍ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: " لَمْ يَكُنْ فِي أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أُمَنَاءُ يَحْفَظُونَ آثَارَ الرُّسُلِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ " فَقَالَ: لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا حَاتِمٍ رُبَّمَا رَوَوْا حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ؟ فَقَالَ: " عُلَمَاؤُهُمْ يَعْرِفُونَ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ، فَرِوَايَتُهُمْ ذَلِكَ لِلْمَعْرِفَةِ لِيَتَبَيَّنَ لِمَنْ بَعْدِهِمْ أَنَّهُمْ مَيَّزُوا الْآثَارَ وَحَفَظُوهَا، ثُمَّ قَالَ: " رَحِمَ اللَّهُ أَبَا زُرْعَةَ، كَانَ وَاللَّهِ مُجْتَهِدًا فِي حِفْظِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "
ولم يخلُ عصرٌ من العصور من إمام يقوم بواجب هذه الصنعة، إلا أن المنهج اختلف من المتقدمين إلى المتأخرين، فبعد أن كان عند المتقدمين قائماً على الاجتهاد والأصالة والسبر والاستقراء أصبح عند المتأخرين قائماً على الترتيب والجمع والتصنيف، ومن خلال التطور الزمني للتصنيف في علم الجرح والتعديل، كان (الكمال في أسماء الرجال) للحافظ عبد الغني المقدسي أحد خلقات تطوره، والذي نال من الاهتمام ما لاينكره عاقل، ومن ثم تكاثرت فروعه، فكان أحد تلك الفروع كتاب (تقريب التهذيب) لحافظ عصره بلا مدافع، وإمام وقته بلا منازع أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني- رحمه الله-.
¥