فله سبحانه يدان كما له أصابع وسمع وبصر وحياة وعلم. . وغيرها من الصفات العلى، كما له الأسماء الحسنى. نؤمن بذلك كله إيماناً من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فإن ذلك هو الواجب والمتعين في هذا الباب العظيم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 409: "وعن ابن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقاً يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان…" اهـ.
ت: كلا القولين باطل وجحود للصفة الذاتية لله سبحانه، وتعطيل لله عن صفة الأصابع حقيقة على ما ورد في الأحاديث الصحيحة، ويتضمنان نفي هذه الصفة عن الله، والواجب إثباتها حقيقة لله عز وجل بلا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، وقطع الاستشراف عن حقيقتها وكيفيتها، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 409: "وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة … "اهـ.
ت: هذا من النفي المجمل المسكوت عنه، وهو يتضمن حقاً وباطلاً:
أ- فإن أريد به نفي مشابهة أيدي المخلوقين فهذا حق، لكن يعبر بالنفي الصحيح.
ب- وإن أريد به نفي حقيقة يدي الله اللائقة به فهو باطل بلا شك.
والواجب السكوت عما سكتت عنه النصوص في بابي النفي والإثبات للأسماء والصفات، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 19 على حديث (7410) من كتاب التوحيد في هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 410: "ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي، فإن اليهود مشبهة ويما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين، وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والإنكار، وأما قول الراوي"تصديقاً له" فظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة، وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، وبصفرته على الوجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة، لثوران خلط من مرار وغيره، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظاً فهو محمول على تأويل. . .
وقد تعقب بعضهم إنكار ورود الأصابع لوروده في عدة أحاديث كالحديث الذي أخرجه مسلم: "إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن"ولا يرد عليه لأنه إنما نفى القطع، هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي. . .
وأما من زاد: "وتصديقاً له" فليست بشيء فإنها من قول الراوي وهي باطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال؛ إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا، ولو كان كذلك لاستحال أن يكون إلهاً؛ إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال، فالمفضي إليه كذب، فقول اليهودي كذب ومحال، ولذلك أنزل الله في الرد عليه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} وإنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق وليس كذلك.
فإن قيل: قد صح حديث: "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن"فالجواب أنه إذا جاءنا مثل هذا الكلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه، وأما إذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من أخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه، ثم لم سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقاً في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه، ونقطع بأن ظاهره غير مراد. انتهى ملخصاً. وهذا الذي نحا إليه أخيراً أولى مما ابتدأ به لما فيه من الطعن على ثقات الرواة ورد الأخبار الثابتة" اهـ.
ت: هذا وما بعده من الباطل البين، وتجرؤ على نفي النصوص بمولدات العقول وشبه الضلال، وتعطيل لله عما استحقه من الصفات التي كلها كمال وحق فيه سبحانه.
¥