تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن الواجب إثبات الصفات لله عز وجل، ومن ذلك الأصابع على الحقيقة اللائقة بالله، كما أن له سبحانه حياة وعلماً وقدرة ووجهاً كل ذلك على ما يليق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فننزهه سبحانه عن مشابهة خلقه في شيء من ذاته أو صفاته أو أفعاله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. وهو سبحانه {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، {لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وضحكه صلى الله عليه وسلم تصديقاً وإقراراً لقول الحبر؛ لأنه في مقام التبليغ والبيان، ولا يجوز عليه الكتمان، فنعوذ بالله من التقول على الله وعلى رسوله بلا علم، أو الفرية بجهل وظلم. والله أعلم.

وانظر التعليق على حديث (7514) من هذا المجلد.

* * *

قال الحافظ 13/ 411: "قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل وإما مؤول، والثاني يقول: المراد بالغيرة المنع من الشيء والحماية، وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة، وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب" اهـ.

ت: هذا قول باطل، وهو حكاية لمسلكي الأشاعرة تجاه النصوص: إمّا بالتفويض، أو التأويل.

أما المنزهون لله حقيقة، فهم المثبتون لله ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك صفة الغيرة – كسائر الصفات على ما يليق بالله عز وجل من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف. ويعتقد المؤولة أن المجاز يتطرق إلى الصفات الإلهية، والصواب أن الصفات كلها على الحقيقة اللائقة بالله عظمة وجلالاً، وأنه لا مجاز في القرآن والسنة على اصطلاح المتكلمين.

والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 412: "قال ابن بطال: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص؛ لأن التوقيف لم يرد به. . . فقال: إطلاق الشخص في صفات الله تعالى غير جائز؛ لأن الشخص لا يكون إلا جسماً مؤلفاً، فخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفاً من الراوي. . . "اهـ.

ت: دعوى الإجماع باطلة، ولا يجوز نفي وصف الله بالشخص، كما صح ذلك في حديث الباب، ولا محذور في ذلك على ما توهمته المؤولة، فإن الشخص في اللغة ما ارتفع وشخص وظهر، ولا أعظم من الله ولا أظهر، ولا أرفع ولا أكبر منه سبحانه. والله أعلم.

والشخص كالشيء {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ}، وكالأحد "لا أحد أغير من الله"، فالواجب على المؤمن الإيمان بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً وإطلاقاً ونفياً، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 413: "ثم قال ابن فورك: وإنما منعنا من إطلاق لفظ الشخص أمور؛ أحدها: أن اللفظ لم يثبت من طريق السمع، والثاني: الإجماع على المنع منه، والثالث: أن معناه الجسم المؤلف المركب، ثم قال: ومعنى الغيرة الزجر والتحريم" اهـ.

ت: ما ذكره ابن فورك وغيره من المؤولة من منع إطلاق الشخص على الله ووصفه بالغيرة، تعطيل لله عن هاتين الصفتين، والواجب الوقوف مع النص وإثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم الخوض في ذلك بآراء العقول وتخرصات الأقيسة.

فلله غيرة تليق به، وهو شخص على ما يليق به كسائر صفاته وأسمائه، نؤمن بذلك من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، والله أعلم.

* * *

قال الحافظ 13/ 413: "ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات، بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات، إما التفويض، وإما التأويل"اهـ.

ت: قول الكرماني – عفا الله عنه – باطل؛ لأن نصوص الصفات من المحكمات وليست من المتشابهات، وطريقا التفويض والتأويل في باب الصفات مسلكان باطلان، أما أهل السنة والجماعة فيقابلون نصوص الأسماء والصفات بالإيمان بها والتسليم والإثبات والتنزيه على الكمال اللائق بالله. والله أعلم.

* * *

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير