(وَفَكِّرْ كَمْ صَغِيرِ قَدْ دَفَنْتَا
(وَقُلْ لِي: يَا نَصِيحِي لأَنْتَ أَوْلَى
(بِنُصْحِكَ إِذْ بِعَقْلِكَ قَدْ عُرِفْتَا
(فَتَعْذِلُني عن التَّفريطِ يَوْمًا
(
(وَبَالتَّفْرِيطِ دَهْرَكَ قَدْ قَطَعْتَا
(وَفِي صَغِرِي تُخوِّفُنِي الْمَنَايَا
(
(وَمَا تَجْرِي بِبَالِكَ حِينَ شِخْتَا
(وَكُنْتَ مَعَ الصِّبَا أَهْدَى سَبِيلاً
(
(فَمَا لَكَ بَعْد شَيْبِكَ قَدْ نُكِسْتَا
(وَهَا أَنَا لَمْ أَخُضْ بَحْرَ الخَطَايَا
(
(كَمَا قَدْ خُضْتَهُ حَتَّى غَرِقْتَا
(وَلَمْ أَشْرَبْ حُمَيَّا أَمْ دَفْرٍ
(وَأَنْتَ شَرِبْتَهَا حَتَّى سَكِرْتَا
(وَلَمْ أحْلِلْ بَوَادٍ فِيهِ ظُلْمٌ
(
(وَأَنْتَ حَلَّلْتَ فِيهِ وَانْتَهَكْتَا
(وَلَمْ أَنْشَأ بَعَصْرٍ فِيهِ نَفْعٌ
(وَأَنْتَ نَشَأْتَ فِيهِ فَمَا انْتَفَعْتَا
(وَنَادَاكَ الكِتَابُ فَلْم تُجِبْهُ
(
(وَنَبَّهَكَ الْمَشِيبُ فما انْتَبَهْتَا
(وَقَدْ صَاحبْتَ أعْلامًا كَثِيرًا
(
فَلَمْ أَرَكَ انْتَفَعْتَ بِمَنْ صَحِبْتَا
(وَيَقْبُحُ بَالْفَتَى فِعْلُ التَّصَابِي
(وَأَقْبَحُ منه شَيْخُ قَدْ تَفَتَّى
(فَأَنْتَ أَحَقُّ بَالتَّفِنِيدِ مِنِّي
(
(وَلَوْ سَكَتَ الْمُسِيءُ لِمَا نَطَقْتَا
(فَنَفْسَكَ ذُمَّ لا تَذْمُمْ سِوَاها
(بَعْيبٍ فَهِي أَجْدَرُ إِنْ ذَمَمْتَا
(وَلَوْ بَكَتِ الدِّمَا عَيْنَاكَ خَوْفًا
(
(لِذَنْبِكَ لَمْ أَقُلْ لَكَ قَدْ أَمِنْتَا
(فَمَنْ لَكَ بَالأمَانِ وَأَنْتَ عَبْدٌ
(أُمِرْتَ فَمَا ائْتَمَرْتَ وَلا أَطَعْتَا
(فَسِرْتَ الْقَهْقَرَى وَخَبَطْتَ عَشْوًا
(لَعَمْرُكَ لَوْ وَصِلْتَ لَمَا رَجَعْتَا
(ثَقُلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَسْتَ تَخْشَى
(لِجَهْلِكَ أَنْ تَخِفَّ إِذًا وُزِنْتَا
(وَلَوْ وَافَيْتَ رَبَّكَ دُونَ ذَنْبٍٍ
(وَنَاقَشَكَ الحِسَابَ إِذَا هَلَكْتَا
(لَمْ يَظْلمْكَ فِي عَمَل وَلَكِن
(
(عَسَيرٌ أَنْ تقُومَ بما حَمَلْتَا
(تَوَجَّعُ لِلْمُصِرِّ عَلَى الخَطَايَا
(وَتَرْحَمُهُ وَنَفْسَكَ مَا رَحِمْتَا
(وَلَوْ قَدْ جِئْتَ يَوْمَ الْفَصْلِ فَرْدًا
(
(وَأَبْصَرْتَ الْمَنَازِلَ فِيهِ شَتَّى
(
لأعَظَمْتَ النَّدَامَةَ فِيهِ لَهْفًا
(عَلَى مَا فِي حَيَاتِكَ قَدْ أَضَعْتَا
(تَفِرُّ مِنْ الْهَجِيرِ وَتَتَقِيهِ
(
(فَهَلا مِن جَهَنَّمَ قَدْ فَرَرْتَا!!
(وَلَسْتَ تُطيقُ أَهْوَانَها عَذَابًا
(ولو كُنْتَ الْحَدِيدَ بِها لَذُبْتَا
(وَلا تكْذِبْ فَإنَّ الأَمْرَ جَدٌّ
(
(وَلَيَسَ كَمَا حَسِبْتَ وَمَا ظَنَنْتَا
(أَبَا بَكْرٍ كَشَفْت أَقَلَّ عَيْبِي
(
(وَمَا اسْتَعْظَمْتَهُ مِنْهَا سَتَرْتَا
(فَقُلْ مَا شِئْتَ فِي مِن الْمَخَازِي
(
(وَضَاعِفْهَا فَإنَّكَ قَدْ صَدَقْتَا
(وَمَهْمَا عَبْتَنِي فَلِفَرْطِ عِلْمِي
(بِبَاطِنَتِي كَأنَّكَ قَدْ مَدَحْتَا
(وَلا تَرْضَى الْمَعَائبَ فَهِيَ عارٌ
(
(عَظِيمٌ يُورِثُ الإِنْسَانَ مَقْتَا
(وَتَهْوَى بَالوَجِيهِ مِنَ الثُّرَيَا
(وَتُبْدِلُهُ مَكانَ الْفَوْقِ تَحْتَا
(كَذَا الطَّاعَاتُ ُتبِلِغُكَ الدَّرَارِي
(
(وَتَجْعَلُكَ القَرِيبَ وإنْ بَعُدْتَا
(وَتَنْشُرُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا جَمِيلاً
(فَتَلْقَى البِرَّ فِيها حَيْثُ شِئْتَا
(وتُمسِي في مَسَاكِنِهَا عَزِيزًا
(
(
وَتَنْجِي الحَمْدَ مِمَّا قَدْ غَرَسْتَا
(وَأَنْتَ اليومَ لمْ تُعْرِفْ بِعَيْبٍ
(وَلا دَنَّسْتَ ثَوْبَك مُذْ نَشَأْتَا
(وَلا سَابَقْتَ في مَيْدَانِ زُورٍ
(
(وَلا أَوْضَعْتَ فِيهِ وَلا خَبَبْتَا
(فَإنْ لَمْ تَنْأَ عنهُ نَشَبْتَ فِيهِ
(فَمَنْ لَكَ بَالخَلاصِ إِذَا نَشَبْتَا؟!
(وَدَنِّسَ مِنْكَ مَا طَهَّرْتَ حَتَّى
(
(كَأنَّكَ قَبْلَ ذلكَ مَا طَهُرْتَا
(وَصِرْتَ أَسِيرَ ذَنْبِكَ فِي وِثَاقٍ
(وَكَيْفَ لَكَ الفِكَاكُ وَقَدْ أُسِرْتَا؟!
(فَخَفْ أبْنَاءَ جِنْسِكَ وَاخْشَ مِنْهُمْ
(
(كَمَا تَخْشَى الضَّرَاغِمَ والسَّبَنْتَا
(فَخَالِطْهُم وَزَايلْهُمْ حِذارًا
(وَكُنْ كالسَّامِري إِذَا لُمْستَا
(وَإِنْ جَهِلُوا عَلَيْكَ فَقُلْ سَلامٌ
(
(لَعَلَّكَ سَوْفَ تَسْلَمُ إِنْ سَلِمْتَا
(وَمَنْ لَكَ بالسَّلامَةِ فِي زَمَانٍ
(
(يُزِلُّ الْعُصْمَ إِلا إِنْ عُصِمْتَا
(وَلا تَلْبثْ بَحَيٌ فِيهِ ضَيْمٌ
(
(يُمِيتُ القَلْبَ إلا أَنْ كُبِلْتَا
(فَغَرِّبْ فالتَّغْرُّبُ فِيهِ خَيْرٌ
(
(وَشَرِّقْ إنْ بِرِيْقِكَ قَدْ شَرِقْتَا
(
فَلَيْسَ الزُّهْدُ في الدُّنْيَا خُمُولاً
(فأنْتَ بها الأميرُ إذا رَهِدْتَا
(فَلَوْ فَوقَ الأَمِيرِ يكُونُ عَالٍ
(
(عُلُّوًا وارْتِفَاعًا كُنْتَ أَنْتَا
(فإنْ فارَقْتَهَا وَخَرجْتَ منها
(إلى دارِ السَّلامِ فقد سَلِمْتَا
(وإنْ أكْرَمْتَها وَنَظَرْتَ فِيهَا
(
(بَإجْلالٍ فَنفسَكَ قَدْ أَهْنَتَا
(جَمَعْتُ لَكَ النَّصَائحَ فَامْتَثِلْهَا
(
(حَيَاتَكَ فَهِيَ أَفْضَلُ مَا امْتَثَلْتَا
(وَطوَّلْتُ العِتَابَ وَزِدْتُ فيهِ
(لأَنَّكَ في البَطَالةِ قَدْ أَطَلْتَا
(
فَلا تَأْخُذْ بَتَقْصِيرِي وَسَهْوي
(وَخُذْ بِوَصِيَّتِي لَكَ إِنْ رُشِدْتَا
(وَقَدْ أَرْفَقْتُهَا سِتًّا حِسَانًا
(فَكَانَا قَبْلَ ذَا مِأةً وَسِتًّا
(وَصَلَّى اللهُ مَا أَوْرَقْ نَضَارٌ
(عَلَى الْمُخْتَارِ في شَجَرٍ وَحَنَّا
(اللَّهُمَّ يَا مَنْ خَلَقَ الإِنْسَانَ في أَحْسَنِ تَقْويمٍ وَبِقُدْرَتِهِ التي لا يُعْجِزُهَا شَيْءٌ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِي رَمِيمٌ نَسْأَلُكَ أَنْ تَهْدِينَا إِلى صِرَاطِكَ الْمُسْتِقيمِ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصَّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ، وَأَنْ تَغْفِرْ لَنَا وَلِوالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْياءِ مِنهُم وَالمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
¥