(تَجْزِمْ بَتَسْكِينَ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ عِلَلِ
(وَارْفَعْ لَهُ قَصَّةَ الشَّكوَى وَسَلْهُ إِذَا
(جَنَّ الظَّلامُ بِقَلْبً غَيْرَ مُشْتَغِلِ
(وَلازِمْ البَابَ وَاصْبِرْ لا تَكُنْ عَجِلاً
(وَاخْضَعْ لَهُ وَتَذَلَّلْ وَادْعُ وابْتَهِلِ
(
ونَادِ يَا مَالِكِي قَدْ جِئْتُ مُعْتَذِرًا
(عَسَاكَ بَالْعَفْوِ والغُفْرَانِ تَسْمَحُ لِي
(فَإنَّني عَبْدُ سُوءٍ قَدْ جَنَى سَفَهًا
(وَضَيَّعَ العُمْرَ بَيْنَ النَّوْمِ والكسَلِ
(وَغَرَّهُ الحِلْمُ والإِمْهَالُ مِنْكَ لَهُ
(حَتَّى غَدَا فِي المَعَاصِي غَايَةَ المُثْلِ
(وَلَيْسَ لِي غَيْرُ حُسْنِ الظَّنْ فِيكَ فَإِنْ
(رَدَدْتِني فَشَقَاءٌ كَانَ في الأزَلِ
(حَاشَاكَ مِنْ رَدِّ مِثْلِي خَائِبًا جَزَعًا
(وَالعَفْوُ أَوْسَعُ يَا مَوْلاي مِنْ زَلَلِي
(وَلَمْ أَكُنْ بِكَ يَوْمًا مُشْرِكًا وَإِلى
(دِينٍ سَوَى دِينِكَ الإِسْلامِ لَمْ أَمِلِ
(وَكَانَ ذَلِكَ فَضْلاً مِنْكَ جُدْتَ بِهِ
(وَلَيْسَ ذَاكَ بسَعْيٍ كَانَ مِنْ قَبَلِي
(
اللَّهُمَّ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَهَبْ لَنَا تَقواك واهدِنا بِهُدَاك ولا تكِلنَا إلى أحدٍ سِوَاكْ وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ همٍّ فَرَجَا، وَمِنْ كُلِّ ضَيْقٍ مَخْرَجَا، اللَّهُمَّ أعْذَنا بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، واحْفَظْ جَوَارِحَنَا مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِكَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ 15)
ومما قَالَهُ العُلماءُ والأُدَباءُ والْحُكماءُ في فَضْلِ العِلمِ والْحَثِّ عَليهِ تَعْلُّمًا وَتَعْلِيمًا قَالَ عَلَيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: النَّاسُ أَبْنَاءُ ما يُحْسِنُونَ. وقَالَ مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْر: تَعَلَّمْ العِلْمَ فَإِنْ لَمْ يكُنْ لَكَ جَمَالٌ كان العلمُ لك جَمالاً، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ كَانَ لك مَالاً. وقَالَ عَبْدِ الملكِ بنُ مَروانَ لِبَنِيهِ: يا بَنِيَّ تعلَّموا العلمَ فَإنْ كُنْتمْ سادةً فُقْتُمْ وإنْ كُنتمْ وَسَطًا سُدْتُمْ، وإنْ كنتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ.
وقَالَ بعضُ الحكماءِ: العلمُ شَرَفٌ لا قَدْرَ لَهُ والأَدَبُ مَالٌ لا خَوْفَ عليهِ. وقَالَ بعضُ الأُدَباءِ: العلمُ أفضَلُ خَلَفٍ والعملُ بِهِ أَملُ شَرَفٍ. وقَالَ بعض البُلَغاءِ: تَعَلَّمْ العلمَ فَإنَّهُ يُقَوِّمُك وَيُسَدِّدُكَ صَغِيرًا وَيُقَدِّمُكَ وَيُسَوّدُكَ كَبِيرًا، وَيُصْلِحُ زَيْفَك وفاسِدَكَ، وَيُرْغِمْ عَدُوَّكَ وحاسِدَكَ، وَيَقُوِّمْ عِوَجَكَ وَمَيْلَكَ، وَيُصَحِّحُ هِمَّتَكَ وَأَمَلَكَ. قلت: وهذا صحيحٌ في حَقِّ العاقلِ اللبيب القابلِ لذلِكَ دُون الأحْمَقِ المُتَكِّبِر الْجَاهِلِ جَهْلاً مُرَكَّبًا قَالَ بَعْضُهُمْ:
شعرًا: كالثَّوْر عَقْلاً وَمِثْلُ التَّيْسِ مَعْرِفةً
(فَلا يفرق بَيْنَ الْحَقُّ والفَنَدِ
(الجهل شَخْصٌ يُنَادِي فَوقَ هَامَتِهِ
(
(لا تَسْأَلْ الرَّبْعِ مَا فِي الرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
(الْعِلْمُ للرَّجُلِ اللَّبِيبُ زِيادَةٌ
(وَنَقِيصَةٌ للأَحْمَقِ الطَيَّاشِ
(مَثْلُ النَّهَارِ يزِيدُ أَبْصَارَ الوَرَى
(
(نُورًا وَيُعْشِي أعْيُنَ الخُفَّاشِ
(
شعرًا: ما الفَخْرُ إلا لأَهْلِ الْعِلْمِ إنَّهُمُ
(عَلَى الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى أَدِلاءُ
(وَقَدْرُ كلّ امرئٍ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ
(
(وَالْجَاهِلُونَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ
(فَفُزْ بعِلمٍ تَعِشْ حَيًّا بِهِ أَبَدَا
(النَّاسُ مَوْتَى وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَحْيِاءُ
(
آخر: تَعَلَّم فَلَيسَ المَرءُ يولَدُ عالِماً
(
(وَلَيسَ أَخو عِلمٍ كَمَن هُوَ جاهِلُ
(وَإِنَّ كَبيرَ القَومِ لا عِلمَ عِندَهُ
(
(صَغيرٌ إِذا اِلتَفَّت عَلَيهِ الجَحافِلُ
(وَإِنَّ صَغيرَ القَومِ إِن كانَ عالِماً
(
(كَبيرٌ إِذا رُدَّت إِلَيهِ المَسَائِلُ
(
آخر: يَقولُ أَنا الكَبيرُ فَبَجِّلوني
(أَلا هَبِلَتكَ أُمُّكَ مِن كَبيرِ
(إِذا كانَ الصَغيرُ أَعَمَّ نَفعاً
¥