تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(8) موعظة

أيُّهَا النَّاس إِنَّ سُبُلَ الْعَافِيَةِ مُنْدَرِسَةٌ لِقلَّةِ سُلاكِهَا وإنَّ عللَ الْقُلوبِ الْقَاسِيةِ مؤذنةٌ بِهَلاكِهَا وإِنَّ رُسُلَ الْمَنُونِ قَانِصَةُ لا تُفْلِتُ أَحَدًا مِنْ شِبَاكِهَا فَمَا للعيونِ نَاظِرَةٌ وَلا تُبْصِرُ وَمَا للقلوب قاسيةٌ وَلا تُفَكِّرُ وَمَا للعقولِ طَائِشَةٌ لاهِيةٌ بِجَمْعِ الدُّنْيَا وَلا تَشْعُرُ، وَمَا لِلنِّفُوسِ قَاسِيَةٌ وَلا تَذكرُ أَغَرَّهَا إِنْظَارُهَا وإمْهَالُهَا أَمْ بَشّر بالنَّجَاةِ صَالحُ أَعْمَالِهَا أَمْ لَمْ يَتَحققْ عِنْدَهَا من الدُّنْيَا زَوَالِهَا.

شِعْرًا:

أَمَدُ الحَيَاةِ كَمَا عَلِمْتَ قَصِيرُ

(وَعَلَيْكَ نَقَّادٌ بِهَا وَبَصِيرُ

(عَجَبًا لِمُغْتَرٌّ بِدَارِ فَنَائِهِ

(وَلَهُ إِلَى دَار البَقَاءِ مَصِيرُ

(

آخر: وَلَسْتَ أَرى السَّعَادَةَ جَمَعْ مَالٍ

(وَلكن التقيَّ هُو السَّعِيدُ

(وَتَقْوَى الله خَيْرُ الزَّادِ ذُخْرًا

(وَعِنْد الله للأتقى مَزِيدُ

(وَمَا لا بُدَّ أَنْ يَأَتِي قَرِيبٌ

(وَلكِنَّ الذي يَمْضِي بَعِيدُ

(آخر:

هَوِّنْ عَليكَ فَمَا الدُّنْيَا بِدَائِمَةٍ

(وَإِنَّمَا أَنْتَ مِثلُ النَّاسِ مَغْرُورُ

(وَلَوْ تَصَوَّرَ أَهْلُ الدَّهْرَ صُورَتَهُ

(لَمْ يُمْسِ مِنْهُمْ لَبِيبٌ وَهُوَ مَسْرُورُ

(تَاللهِ لَقَدْ شَمِلَتْ الْقُلُوبُ الْغَفْلَةِ فاسْتَحْكَمْ عَلَى الْقُلُوبِ أَقْفَالُهَا، فَكأنَ قَدْ كَشَفَ الْموتُ لأَهْلِ الْغَفْلَةِ قِنَاعَهُ وَأَطْلَقَ عَلَى صِحَاحِ الأَجْسَامِ

أَوْجَاعَهُ وَحَقَّقَ بِكلِ الأَنَامِ إِيَقاعَهُ وَلَمْ يَمْلِكْ أَحَدٌ مِنْ الْخَلْقِ دِفَاعَهُ فَخَفَقَ مِن الْمَنُزِولِ به فُؤادُهُ وَرَحِمَهُ أَعْدَاؤُهُ وَحُسَّادُه وَقَرُبَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَطَنِهِ بِعَادُهُ والْتَحَقَ بِذُلّ الْيُتْمِ أَوْلادُه فيالَهُ مِنْ وَاقِعٍ فِي كُرَبِ الْحَشَارِجِ إلى أَنْ أَدْرِجَ فِي تَلْكَ الْمَدَارِج وَقَدِمَ عَلَى الله ذِي الْمَعَارِج فِي مَنْزِلَ لا يَبْرَحُ مِنْهُ مَنْ نَزَلَهُ حَتَّى يَلْحَقَ آخِرُ الْخلقِ أَوَّلَهُ فَانْتَبِهُوا رَحَمَكُمْ اللهُ قَبلَ أَنْ يَصلَكُمْ الدُّورُ واسْتدْركوا مَا فَاتَكمْ ومَا قَصَّرْتَمْ بِهِ مِن الأََعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَلى الْفَورِ. أَفَيَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيُهْمِلَهُ.

كَلا واللهِ لَيَبْعَثَنَّ الْخَلْقَ بَعْدَ مَا أَمَاتَهُ وَلَيَسْأَلَنَّ عَنْ الرَّسُولِ وَمَنْ أَرْسَلَه وَلَيُوَفِيَنَّ كُلَّ عَامِلٍ مَا عَمِلَهُ.

اللَّهُمَّ يا مَنْ لا تَضرُّهُ الْمَعْصِيةُ ولا تَنْفعُهُ الطَّاعةَ أيْقِظْنَا مِنْ نَومِ الْغفلةِ وَنَبِّهْنَا لاغْتِنَامْ أَوْقَاتِ الْمُهْلَةِ وَوَفِّقْنَا لِمَصَالِحِنَا واعْصِمْنَا من قَبِائِحِنَا ولا تُؤاخِذْنَا بما انْطَوَتْ عليهِ ضَمَائِرُنَا واكَنَّتْهُ سَرائِرُنَا مِنْ أَنْواعِ الْقَبَائِحِ والْمعائِبِ التي تَعْلَمُها مِنا، وامنُنْ علينا يا مولانا بتوبةٍ تَمْحُو بِهَا عَنَّا كُلِّ ذَنْبِ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِنَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعيِنَ.

تَبَيَّنَ ثَغْرُ الْفَجْرِ لَمَّا تَبَسَّمَا

(فَسُبْحَانَ مَنْ في الذِّكْرِ بَالْفَجْرِ أَقْسَمَا

(فَصَلِّ عَلَى الْمَبْعُوثِ لِلْخَلْقِ رَحْمَةً

(عَسَى شَمَلَتْنَا أَوْ لَعَلَّ وَرُبَّمَا

(كَمَا شَمَلَتْ آل الرسُولِ وَصَحْبِهِ

(فَأكْرِمْ بِهِمْ آلاً وَصَحْبًا وَأَعظِمَا

(أَتَى بَالْهُدَى نُوراً إِلَيْنَا وَنِعْمَةً

(وَقَدْ كَانَ وَجهُ الكَوْنِ بالشِّرْكِ مُظْلِمَا

(فَجَلَّى بَأَنْوَارِ الهُدَى كُلَّ ظُلْمَةٍ

(وَأَطْلَعَ في الآفَاقِ لِلدِّينِ أَنْجَمَا

(أَتَى بِكِتَابٍ أَعْجَزَ الْخَلْقَ لَفْظَهُ

(فَكُلُ بَلِيغ عُذْرُهُ صَارَ أَبْكَمَا

(تَحَدَّى بِه أَهَلَ البَلاغَةِ كُلَّهُمْ

(فَلَمْ يَفْتَحُوا فِيمَا يُعَارِضُهُ فَمَا

(حَوىَ كُلَّ بُرْهَانٍ عَلَى كُلِّ مَطْلَبٍ

(وَيَعْرِفُ هَذَا كُلُّ مَنْ كَان أَفْهَمَا

(

وَأَخْبَرَ فِيهِ عَنْ عَوَاقِبَ مَن عَصَى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير