تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حملوا كتابي الجديد ((دروس وعبر من قصة قارون)) للشاملة 3 مفهرسا + ورد + pdf موافقا للمطبوع

ـ[علي 56]ــــــــ[11 - 03 - 09, 03:31 م]ـ

((حقوق الطبع لكل مسلم))

((الطبعة الثانية))

منقحة ومعدلة

((ماليزيا- بهانج- دار المعمور))

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (111) سورة يوسف.

وأصلي وأسلم على خاتم الرسل الكرام، القائل: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " (1)

وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

إنَّ من أدب الشريعة معرفةَ تاريخ سلفها في التشريع من الأنبياء بشرائعهم فكان اشتمال القرآن على قصص الأنبياء وأقوامهم تكليلاً لهامة التشريع الإسلامي بذكر تاريخ المشرِّعين، قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (146) سورة آل عمران.

وقد رأيتُ من أسلوب القرآن في هذا الغرض أنه لا يتعرَّضُ إلا إلى حال أصحاب القِصَّة في رسوخ الإيمان وضعفه،وفيما لذلك من أثر عناية إلهية أو خذلانٍ.

وفي هذا الأسلوب لا تجدُ في ذكر أصحاب هذه القصص بيانَ أنسابهم أو بلدانهم إذِ العبرةُ فيما وراء ذلك من ضلالهِم أو إيمانهِم.

وكذلك ما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير والشرِّ والتعمير والتخريب لتقتديَ الأمة وتحذرَ قال تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (52) سورة النمل.

وما فيها من فائدة ظهور المثُلِ العُليا في الفضيلة وزكاء النفوس أو ضدِّ ذلك.

وما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلُها وعصت أوامرَ ربها حتى يرعووا عن غلوائهم ويتعظوا بمصارع نظرائهم وآبائهم، وكيف يورثُ اللهُ الأرضَ أولياءَه وعبادَه الصالحين،قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) سورة الأنبياء، وهذا في القصص التي يذكر فيها ما لقيه المكذِّبون للرسل كقصص قوم نوح وعاد وثمود وأهل الرس وأصحاب الأيكة، وقارون.

وأنَّ في حكاية القَصص سلوكَ أسلوبِ التوصيفِ والمحاورةِ، وذلك أسلوبٌ لم يكنْ معهوداً للعربِ فكان مجيئُه في القرآن ابتكارَ أسلوبٍ جديدٍ في البلاغةِ العربيةِ شديدِ التأثيرِ في نفوس أهل اللسانِ، وهو من إعجاز القرآنِ؛ إذ لا يُنكرون أنه أسلوبٌ بديعٌ،لا يستطيعونَ الإتيانَ بمثله، إذ لم يعتادوهُ ... (2)

لقد سيقت القصص القرآنية للعبرة والعظة،حيث يقف المسلمون والمشركون على أحوال من تقدمهم من الأمم فيعتبر ذوو الألباب ويتعظون، وفيها التسليةُ الكاملةُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه من حيث يقفون على أخبار الرسل وأممهم وكيف كانت العاقبة للمتقين، والدائرة على الكافرين المعاندين، وفي هذا تثبيت لهم وشحذٌ لعزائمهم،قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} (35) سورة الأحقاف. {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (120) سورة هود،.

وقد سيقت القصةُ دليلاً على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنَّ خبره من السماء،إذ هو يقصُّ أخباراً ما كان يعلمها هو ولا أحدٌ من قومه، ولا يكون هذا إلا بوحي من السماء {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (49) سورة هود.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير