- ابن أبي حاتم أوضح المقصود بالشيخ وأنه دُون الصدوق، وكذلك فعل ابن حجر وأن المقبول إذا لم يُتابع فهو ليّن. فإذا لم يكن هذا تلييناً، فماذا إذن؟ وما التقوُّل في ذلك؟ تقول حفظك الله: ((قوله لينه أبو حاتم وابن حجر فهو تقويل لهما ما لم يقولاه، والصواب بعكس ما قال تماما)).
- الذهبي لم يقيّد تفرّد الصدوق والضعيف بالمخالفة، بل قال في الميزان (3/ 140): ((وإنَّ تَفَرُّد الثقة المتقن يُعَدّ صحيحاً غريباً. وإنَّ تَفَرُّد الصدوق ومَن دُونَه يُعَدّ مُنكراً)). اهـ ولا يخفى أن أئمة هذا الشأن كأحمد وغيره كانوا يطلقون المنكر على أفراد الثقات أيضاً.
وكما تفضلتَ ونقلتَ قولَ الذهبي من الموقظة: ((المنكَر: وهو ما انفرد الراوي الضعيفُ به. وقد يُعَدُّ مُفْرَدُ الصَّدُوقِ منكَراً)). اهـ فهو أيضاً يشير إلى أن المنكر يُطلق على تفرّد الصدوق.
وبكير عند أبي حاتم وابن حجر دُون الصدوق، ورفَعه الذهبيُّ إلى مرتبة الصدوق. فاعتمدتَ على قول الذهبي، ثم خالفتَه في حُكم تفرّده! فكيف يكون وَصْفُ تَفَرُّدِه بالمنكر "استنتاجاً بعيداً"؟ فهو صريح القول، وليس باستنتاج ولا هو ببعيد.
تقول أكرمني الله وإياك:
بل رواية شهر فيها ذكر الموضوع، ففي أخبار أصبهان - (5/ 145)
1342 - حدثنا أبي، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد، ثنا صالح بن أحمد القاضي، ثنا عفان، ثنا أبو عوانة، ثنا موسى البزاز، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: «الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الحادي الإبل بحدائه» حدثنا عبد الله بن محمد بن الحجاج، ثنا محمد بن عمر بن عبد الله، ثنا صالح بن أحمد بن حنبل، ثنا علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: ثنا الحسن بن عمارة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: فيما أحرزه العد، وقال يحيى: فسألت مسعرا عنه فقال هو من حديث عبد الملك، ولكني لا أحفظه فأعدته على يحيى قلت: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أكبر علمي
قلت: روايته موقوفاً لا تعل رواية الرفع، فقد يروي الراوي الحديث موقوفا ومرفوعاً ...
بارك الله فيك، ماذا تقصد بقولك ((ذِكْر الموضوع))؟ الحديث الذي معنا هو قصة مجيء اليهود وسؤالهم للنبي صلى الله عليه وسلَّم عن عدة أمور.
وهذا الحديث له راويان عن ابن عباس: سعيد بن جبير، وشهر بن حوشب. وحديث سعيد لم يروِه عنه إلا بكير ولم يُتابَع عليه، وفيه هذه الزيادة. وحديث شهر أخرجه أحمد والطبراني والطبري، وليس فيه السؤال عن الرعد. وشهر أعلى مرتبة مِن بكير، ولو كان كلاهما ثقة لكان حديث بكير شاذاً.
وتفرُّد بكير ليس مجرّد زيادة، بل هي مخالفة أيضاً لأن الحديث عن الرعد إنما هو من كلام ابن عباس لا مِن كلام النبي صلى الله عليه وسلّم. فخالَف بكير رواية شهر، وأدخل ذِكر الرعد. وقد فصَل شهر بين قصة اليهود وبين كلام ابن عباس، فرَوى القصةَ مرفوعةً دون هذه الزيادة، ورَوى قولَ ابن عباس موقوفاً في غير قصة اليهود.
فتعليل البخاريّ ثاقبٌ، لأن المحفوظ عن ابن عباس في أمر الرعد أنه مِن كلامه موقوفاً عليه وليس مرفوعاً ولا هو مِن أسئلة اليهود. فأعلّ الرفعَ بتفرّد بكير وبمخالفته مَن هو أوثق منه.
قال ابن حجر في الفتح (8/ 166): ((وفي رواية لأحمد والطبري من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس: "عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتبايعني؟ فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق". فذكر الحديث، لكن ليس فيه السؤال عن الرعد)). اهـ
فهذا تفرَّد به بكير، وأنتَ جعلتَ تفرُّدَ بكير حُجّة. فأردتُ توضيح الأمر لا الطعن في حُكمكم حفظك الله، فمنكم نتعلم.
والله أعلى وأعلم
ـ[علي 56]ــــــــ[29 - 06 - 09, 05:28 م]ـ
جزاك الله خيرا
أخي الحبيب
أنا لم أفصل كل ما قلت وإنما أحلت لمصادر أخرى، ولا أدري هل اطلعت عليها أم لا؟
وهي هنا وفي مكتبة صيد الفوائد.
أما نقلك قول ابن أبي حاتم رحمه الله في مراتب الجرح والتعديل
فأقول لك:
هذه المراتب الأربعة عامة، وابن أبي حاتم لم يلتزم بها أثناء التطبيق، فهي ليست قواعد صماء.
بل ذكر كثيرا من ألفاظ الجرح والتعديل التي لم ينص عليها، فلا بد من الاجتهاد في معرفة مقصده منها.
ومن ذلك كلمة ((شيخ))
¥