تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن جابراً اشترط حملان البعير إلى المدينة، وهذا شرط من البائع على المشتري، فاشتراط الحملان إلى المدينة يعني الظهر والركوب، كأن تشتري سيارة فيقول لك صاحب السيارة: أشترط عليك أن أصل بها إلى المنزل، ويتم البيع وتتم الصفقة ولكن توصله إلى منزله، فيركب السيارة ويصل بها إلى منزله ثم بعد ذلك شأنك والسيارة، فهذا شرط من البائع على المشتري وهو لا يخالف مقتضى العقد، ولا يتضمن الغرر، ولا يتضمن ضررك، فيصح هذا النوع من الشروط ويلزم. قال رحمه الله: [وحملان البعير إلى موضع معين] الحملان مصدر من الحمل، والمراد بذلك: أن تشترط ظهر البعير الذي يحملك أو ما على البعير من متاع تريد أن توصله إلى بيتك، كرجل يلقاك وأنت في سيارتك ويقول لك: بكم تبيع هذه السيارة؟ تقول: بعشرة آلاف، وعلى السيارة أغراض لك وأمتعة، فقال لك: أنا أشتريها منك بعشرة آلاف، قلت له: إذاً بارك الله لك وبارك لي؛ ولكن أشترط أنني أذهب بالسيارة إلى جدة -وعليها متاع لك وتريد أن توصله إلى جدة- فحينئذٍ يتم البيع ويكون الاستثناء فقط لإيصال المتاع إلى جدة، وقوله: (إلى موضع معين) أخرج الموضع المجهول؛ لأنه لا تجوز الجهالة، فالجهالة فيها غرر، فلو قال لك البائع: أعطيك السيارة بعد أن أفرغ المتاع منها، فتقول: متى؟ يقول: حتى أفرغ المتاع، قد يبقي المتاع عليها سنة ويقول: اشترطت عليك أن أبقيها حتى أفرغ، قد لا نقول: سنة؛ لكن في بعض الأحيان قد يبقي المتاع عليها شهراً أو أسبوعاً وتتضرر. فإذاً لما يقول لك: أشترط أن أبقي المتاع عليها فلا تصرح بالجواز ما لم يكن بشيء معلوم لا جهالة فيه ولا غرر، ولابد أن يكون الشرط واضحاً لا جهالة فيه ولا غرر، وبناءً على ذلك: إذا اشترط حملان السيارة أو ظهر السيارة فإنه يجوز له ذلك ويحدد الزمان أو يحدد المكان إلى موضع معين، ولو قال: بعد يوم أحضر لك السيارة -كما يقع الآن، يقول: أشترط أن تبقيها عندي يوماً أخرج منها أغراضي وبعد ذلك أسلمها لك- فلا بأس بذلك ما دام أنه لا يتضمن الضرر ولا الغرر.

حكم الشروط التي يشترطها المشتري يقول المصنف رحمه الله تعالى: [أو شرط المشتري على البائع حمل الحطب أو تكسيره]. تقدم بيان مسائل الشروط في البيع، وأنها تنقسم إلى قسمين: منها ما هو مشروع ولا يؤثر في البيع، ومنها ما هو غير مشروع، وبَيَّنا أن الشروط المشروعة منها شروط تقتضيها العقود -أي: عقود البيع- كأن يشترط عليه تعجيل الثمن أو التمكين من الاستلام أو إفراغ الأرض أو العقار أو نحو ذلك من الشروط، وهناك شروط هي من مصلحة العقد، كأن يشترط الرهن والكفيل الغارم إذا كان البيع بالأجل ونحو ذلك من الشروط، ثم يتبع هذا ما كانت فيه منفعة لأحد المتعاقدين فيشترط البائع شرطاً لنفسه فيه مصلحة، ويشترط المشتري لنفسه شرطاً فيه مصلحة، وبَيَّنا أن هذا النوع من الشروط جائز ومشروع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع من جابر بعيره، واشترط جابر حملان البعير إلى المدينة، فهذه منفعة للبائع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر في الصحيح: (من باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع)، فهذا يدل على أنه يجوز أن تشترط مصلحة ومنفعة في العقد، خاصة إذا كانت متولدة من المبيع، مثل مال العبد ومثل النخل المؤبر، ويلتحق بالنخل المؤبر بقية الزروع، على التفصيل الذي سيأتي إن شاء الله في بيع الثمرة والأصول، لكن بالنسبة للصورة التي ذكرها المصنف أن يشتري منه حطباً ويشترط على البائع أن يكسره، ففي هذه الحالة المبيع هو الحطب يقول لك: أبيعك هذا الكوم من الحطب بمائة ريال. تقول: اشتريت ولكن بشرط أن تكسره لي. جرت العادة أن تكسير الحطب يكون بطريقة معيّنة وصفة معيّنة فيقوم البائع بتكسيره للمشتري، إذا قلت: اشتريت هذا الحطب وأشترط عليك تكسيره فهذا شرط واحد. كذلك أيضاً لو قلت له: أشتري منك هذا الحطب ولكن بشرط أن توصله إلى منزلي، فحينئذٍ اشترطت منفعة لمصلحتك، فكأن المصنف حينما ذكر: (كأن يشترط حملان البعير)، فالمنفعة للبائع وليست للمشتري، يبيعك بعيراً ويقول: هذا البعير قيمته مائة؛ ولكن أشترط عليك أن أركب عليه إلى منزلي ثم تأخذه. كما فعل جابر مع النبي صلى الله عليه وسلم فقد اشترط أن يركب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير