تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو تشتري مني قلماً أو تشتري مني كتاباً أو تشتري مني تمراً، فالصرف المبني على شرط البيع موجب أو مفض إلى الربا بوجود المنفعة التي تضمنتها صفقة البيع.

الشروط التي تخالف مقتضى العقد قال رحمه الله: [وإن شرط ألا خسارة عليه، أو متى نفق المبيع وإلا رده، أو لا يبيعه ولا يهبه ولا يعتقه، وإن أعتق فالولاء له، أو أن يفعل ذلك بطل الشرط وحده إلا إذا شرط العتق]. فائدة: الشروط الفاسدة في البيع تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: يوجب فساد البيع، وهو الذي ذكرناه سابقاً، وصفته: أن يدخل العقدين في عقد واحد، كأن يشترط سلماً أو إجارةً أو صرفاً .. إلخ، فهذه يبطل فيها الشرط ويبطل فيها البيع، فتلغى الصفقة بكاملها، وهناك وجه عند بعض العلماء أنه يصحّح البيع ويُلغي الشرط الفاسد، والأول أقوى. القسم الثاني: أن يدخل شرطاً لم يأذن به الشرع يخالف مقتضى العقد -كما ذكرنا- ومثاله أن أقول: أبيعك هذه الأرض بشرط ألا تبيعها لأحد .. أبيعك هذه الأرض على أن تجعلها دكاكين ولا تبنيها عمارة .. أبيعك هذه الأرض على أن تجعلها للزراعة ولا تجعلها للاستغلال التجاري .. أبيعك هذه الأرض على ألا تسكنها .. فيشترط البائع شروطاً تخالف مقتضيات عقود البيع، وعلى هذا إذا تضمّن البيع مثل هذا الشرط نصحّح البيع ونبطل الشرط. لكن فيه تفصيل فأولاً: نريد أن نعرف الضابط في هذا النوع -وهو أن يشترط شرطاً يخالف مقتضى عقد البيع- وقد مثّل له المصنّف بقوله رحمه الله: (وإن شرط ألا خسارة عليه). مقتضى عقد البيع أنك إذا اشتريت البيت وملكته ثم غلا أو رخص فلك غنمه وعليك غرمه، ويصبح البيت بيتك لا أتحمل أنا الخسارة بعد بيعه لك، وأيضاً إذا بعتك قماشاً أو بعتك تمراً أو بعتك أي شيء من المبيعات فأنت الذي تتحمل المسئولية، فيكون خراجه وضمانه عليك، فأنت الذي تأخذ نتاجه وأنت الذي تتحمّل خسارته، فمثلاً لو جاء الشاري وقال للبائع: أشتري منك هذه الأرض بشرط: أنها لو كسدت أو نزل سعرها في السوق أردها عليك، أو تدفع لي خسارة الوكس الذي يكون في القيمة، قال له: قبلت. فهذا لا يجوز، لماذا؟ لأن الأصل الشرعي يقتضي أنه إذا اشترى السلعة يتحّمل مسئوليتها كاملة غنماً وغرماً، قال صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان)، والسبب في تحريم هذا النوع من الشروط أنني إذا بعتك السيارة وقلت لي: إذا خسرت رجعت عليك، فمعنى ذلك أنك إذا ربحت أخذت الربح، وإذا خسرت رجعت عليّ بالخسارة، وهذا ظلم، والشريعة شريعة عدل. وتوضيح ذلك: أن الغنم بالغرم، وهي قاعدة من قواعد الشريعة دلّ عليها حديث عائشة رضي الله عنها في قوله عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود: (الخراج بالضمان)، أي: الربح لمن يضمن الخسارة، فليس من المعقول أن أتحمّل أنا البائع الخسارة وتأخذ أنت الربح، فهذا ظلم، ولو رضي البائع فقد رضي بما فيه سفه وظلم، كما لو رضي المدين أن يأخذ مائة ألف ويردها مائة وعشرة ويقول: أنا أرضى بهذا، نقول: إذا رضيت بالغبن على نفسك فالشريعة لا ترضاه، وعليه قال العلماء رحمهم الله: إنه إذا اشترط عليه الخسارة أي: قال المشتري: أشتريه، فإن ربحت فلي الربح، وإن خسرت فعليك الخسارة، فإنّه شرط باطل، لكن يبقى السؤال: هل نبطل الشرط ونبقي العقد صحيحاً، أو نبطل الشرط والعقد؟ قال بعض العلماء: إذا اشترط مثل هذا الشرط فسد العقد وفسد الشرط، وعلى هذا: يبطل البيع من أساسه فترد القيمة ويأخذ هذا السلعة -أعني: البائع- ولكلٍ ماله وحقه. وقال بعض العلماء: إذا اشترط شرطاً يخالف مقتضى عقد البيع صحّ البيع وبطل الشرط. والذين قالوا: صح البيع وبطل الشرط استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها وهي قصة حاصلها: أن بريرة رضي الله عنها كانت مولاة، فكاتبت أهلها ومواليها وعجزت عن الكتابة -والكتابة هي أن يشتري العبد أو تشتري الأمة نفسها من أسيادها- فجاءت تشتكي إلى عائشة، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: إن شاء أهلك أن أنقدهم الثمن نقدتهم على أن يكون ولاؤك لي -أي: أن عائشة رضي الله عنها تريد أن تعتقها ويكون الولاء لها فأبى أهل بريرة إلا أن يكون الولاء لهم، مع أن الذي سيعتقها هي عائشة رضي الله عنها، فاشترطوا شرطاً ليس في كتاب الله عز وجل، وكان الأصل يقتضي أن من أعتق فله الولاء، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الولاء لمن أعتق)، فجاءت بريرة واشتكت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير