تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تمام الثلاثة أيام وقلت: لا أريد هذا البيع وهذه نسخة مثل نسختك؛ فليس من حقك، بل عليك أن ترد له عين النسخة؛ لأن الشريعة تعظم العقود، والعقد الذي وقع بينكما وقع على معين، فإما أن يمضي على هذا المعين، وتوجبا وتمضيا ويختار كل منكما إمضاء البيع، وإما أن يرد كل واحد منكما للآخر عين ما أخذ منه، وهذا معنى قوله: (المعين)، لكن لو كان في غير المعين، فالأمر فيه أيسر وأخف مما عينه وأوجب العقد عليه. [بغير إذن الآخر]: أي: لا يجوز أن يتصرف في المبيع بدون إذن الآخر، فمثلاً عندما يبيعه العمارة، ويؤجرها، يقول له: بعتك هذه العمارة بعشرة آلاف، فقال: قبلت بشرط أن لي الخيار شهراً، فتم البيع على أن كلاً منهما له الخيار، فالمشتري اشترط الخيار، والبائع قال: وأنا كذلك لي الخيار، فخلال الشهر لا يجوز أن يؤجر العمارة، ولا يجوز أن يتصرف بالعمارة، دون أن يستأذن المالك الحقيقي لها، ويحرم ولا يصح، فهذا التصرف لا يجوز بغير إذن الآخر، فإذا أذن له فلا إشكال؛ لأنه حق له إن شاء ألزمه بحفظه ورده وإن شاء أذن له أن يأخذه فالمال ماله.

جواز تجربة المبيع في مدة الخيار قال رحمه الله: [بغير تجربة المبيع]: تجربة المبيع المراد بها أن يأخذ العينة يجربها هل هي صالحة له أو لا، بل إن بعض الخيارات في الشرط يقصد منها تجربة المبيع، فأنت مثلاً إذا باعك رجل سيارةً فقلت له: اشتريتها بشرط أن لي الخيار ثلاثة أيام، فإنك تنوي خلال الثلاثة الأيام أن تذهب بها إلى خبير يكشفها ويفحصها، وتسأل من له علم ومعرفة بالسيارات هل هذه القيمة تصلح وتليق لقاء هذا المبيع أو لا، فأنت تريد أن تشاور. بل حتى خيار الشرط حينما نظرنا في حديث حبان رضي الله عنه، وجدناه مبنياً على المشاورة، فكونك تأخذ المبيع وتجربه هذا من حقك؛ لأن أصل الخيار إنما هو من أجل أن تختار خير الأمرين، وتنكشف لك حقيقة المبيع، هل هو مما يرغب فيه، أو مما لا يرغب فيه؟! وعلى هذا يجوز لك أن تجرب المبيع، فلو ركبت السيارة وأسرعت بها من باب تجربتها ومن أجل أن تفحص فيها سرعتها وما فيها من آلات هل هي مريحة أو غير مريحة فلك ذلك؛ لأن رؤية الشيء ليس كتجربته وعلى هذا: فلو أخذ القلم وكتب به، فهذه تجربة، وهكذا لو ركب السيارة فهذه تجربة، لكن بشرط أن يكون التصرف من المشتري في المبيع على وجه المعروف، فلو كان لا يحسن قيادة السيارة، وقادها وهو لا يحسن القيادة فأتلف ما فيها، أو تسبب في تعطيل بعض المصالح الموجودة في المبيع، فإنه حينئذٍ يضمن لو تصرف على هذا الوجه، ويجب عليه أن يصرف ذلك إلى من له خبرة وله معرفة، ويقول: يا فلان! جرب لي هذه السيارة، أو يا فلان جرب لي هذا المبيع، ولا يقوم بنفسه؛ ضماناً لحقوق الناس، وصيانة لها من الضرر.

حكم العتق في مدة الخيار قال رحمه الله: [إلا عتق المشتري]: فلو أن رجلاً باع عبداً، فاشتراه الآخر على أن له الخيار، فهذا الخيار يقتضي أن العبد يبقى مدة الخيار خالياً من التصرف من المشتري، فإذا أقدم المشتري وتصرف فأعتق العبد، فيقول المصنف في أول العبارة: [ويحرم ولا يصح]، فقوله: (ولا يصح) معناه لا ينفذ؛ لأن الصحة ضابطها عند العلماء ترتب الأثر على الشيء، فإذا قلت: صحت الصلاة فأثر ذلك أنه لا يعيدها بحيث تبرأ ذمته منها، وكذلك أيضاً يترتب الأثر من حصول الثواب الأخروي، فإذا قلنا: (لا يصح) فمعناه أنه لا يترتب الأثر، فإذا وهب، قلنا: لا تصح الهبة، ولو باع لم يصح البيع. فإذاً: معنى ذلك أنه لا يترتب الأثر على التصرف الذي يتصرفه أحد المتعاقدين في السلعة، إلا إذا كان التصرف عتقاً، فإن العتق لا يمكن تداركه، ولذلك لو هزل في العتق فقال لعبده: أنت حر، نفذ ومضى عليه: (ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ)، ولذلك قال عمر: (أربع جائزات إذا تكلم بهن: النكاح، والطلاق، والعتاق، والنذر)، فلو كان يمزح مع عبده فقال له: أنت حر، فإن هذا مما لا يمكن تداركه. ونحن أثبتنا أولاً قاعدة: وهي أن المبيع في مدة الخيار في ملك المشتري، فإذا جاء المشتري واجترأ على حدود الله، فأعتق العبد في مدة الخيار، فالحكم أنه يمضي العتق؛ لأنه ورد على ملكه، ولأنه لا يمكن تدارك العتق، وقال بعض العلماء: العتق لا ينفذ، والسبب في هذا: أنهم لا يرون أن المبيع في مدة الخيار ملك للمشتري، فكأنه أعتق مال غيره، ومن أعتق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير