تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى مر التاريخ كان الملوك يختارون من علية القوم من يكون قيما عليها. فتحمل هذه المسؤولية الوزراء والقضاة والحجاب وكبار القوم والعلماء مما يدل على اهتمامهم بالكتاب وعنايتهم بالثقافة. وقد أشرعوا أبوابها للباحثين رغم كونها مكتبة خاصة فاستفادوا منها وألفوا المؤلفات برسمها. ولم يغفل هؤلاء الملوك أي مجهود في إغنائها وتنميتها. ولم يكن الملك وحده ليملك خزانة خاصة بل تروي كتب التاريخ والحضارة أن الأمراء والوزراء والحجاب والقضاة والعلماء والنساء العالمات جمعوا الكتب، واشتهر الكثير من بينهم بالأرصدة التي تجمعت لديهم بالشراء أو النسخ والاستنساخ أو بالهدايا أو بغيرها. فلا يمر عصر من العصور إلا وذكرت أسر مختلفة عرفت لها مكتبات خاصة.

يحدثنا الأنصاري في "اختصار الأخبار" أنه كان بسبتة اثنتان وستون مكتبة يعود معظمها إلى القرن الرابع الهجري، ومعظمها خزائن خاصة أكبرها خزانة ابن العجوز السبتي (413 هـ). وفي العصر الموحدي اشتهر من المكتبات الخاصة خزانة أسرة ابن الملجوم، وخزانة محمد بن يحيى المسوفي، وخزانة المومنائي، وابن الطراوة السباعي المراكشي، وخزانة القاضي ابن الصقر الذي تولى رئاسة خزانة الخليفة الموحدي يوسف بن عبد المومن بمراكش في القرن السادس الهجري، ثم خزانة معاصره محمد بن أحمد القيسي الرندي في مراكش. وابتداء من القرن الثامن ساد نوع من الوعي الثقافي في المغرب بحيث أصبح معه كل بيت بارجة ثقافية، وقليلة هي المساكن التي تخلو من مجموعة خاصة من الكتب، فقد تعددت خزائن الأمراء والوزراء والأعيان على عهد المرينيين والسعديين والعلويين وكذلك خزائن الأسر العالمة، وقد ورد الكثير من الأخبار عن المؤلفات التي ألفت برسم هذه المكتبات الخاصة. ومن أشهر هذه المكتبات مكتبة ابن الغرديس وابن القاضي في فاس ومكتبة الحضيكي وماء العينين في الجنوب المغربي. ومن مميزات هذه المكتبات أنها كانت مفتوحة في وجه الباحثين خصوصا من بين أصحاب مالكيها يقرأون الكتب وينسخونها ويستعيرونها عند الحاجة. وأنها أصبحت محطة عناية خاصة وتخصص لها غرفة مزودة بأدوات النسخ ومواد الكتابة من ورق وكاغد وما إلى ذلك.

وخلاصة القول فإن المكتبات الخاصة، ملكية كانت أو أميرية أو في ملك أسرة عالمة معينة، قد لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الكثير من التراث المخطوط. وما زال الكثير منها يصون هذا التراث. ومما يؤسف له أن الكثير من أصحاب هذه المجموعات يبخلون بإخراج ما لديهم من مخطوطات بالرغم من الوسائل التشجيعية التي التجأت إليها الدولة لجلبها كجائزة الحسن الثاني للمخطوطات التي أنشأتها وزارة الثقافة في أواخر الستينيات. فبفضل هذه المبادرة تم اكتشاف عدد كبير من الوثائق والمعاهدات والمراسلات والمخطوطات استفاد منها البحث التاريخي في المغرب والبحث العلمي بوجه عام.

5 - الخزانة العامة: بداية الظهور

أما الخزانة العامة أو العمومية فهي -بالمفهوم الحديث- كل خزانة تسهم في فعل القراءة العامة، ولها ثلاث وظائف: وظيفة علمية، وأخرى تربوية، وثالثة ترفيهية؛ ولم تظهر في المغرب بهذا المفهوم ـ حسب المصادر ـ إلا في القرن السادس الهجري. وهي الخزانة العامة التي بناها أبو الحسن الشاري داخل مدرسته في سبتة في شمال المغرب. وقد أكد عمومية هذه المكتبة كل من ابن الخطيب في "معيار الاختيار" وابن غازي في "ذيل فهرسته". أما المكتبة العامة بمفهومها العام فقد بدأت في المسجد وهي البداية التي عرفتها المكتبة في العالم الإسلامي. وقد أدى بناء البحث في المكتبات العمومية في تاريخ المغرب إلى تصنيفها إلى مكتبات المساجد؛ مكتبات المساجد الجامعة؛ مكتبات المدارس؛ ومكتبات الزوايا.

5 - 1 المسجد ودوره في دعم الخزانات العامة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير