تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن بين المكتبات العمومية تلكم التي أسست داخل ما يسمى بالمدارس العتيقة، وهو نوع من المؤسسات ظهرت في المغرب ابتداء من القرن السابع الهجري لإيواء الطلبة ولتأمين الدروس لهم في آن واحد. وإذا ذكر ابن مرزوق في "المسند الصحيح" أن المدارس مؤسسة مرينية، فإن مجموعة أخرى من المؤرخين كالأنصاري وليون الإفريقي و ابن أبي زرع وصاحب "الحلل الموشية" يرجعون ظهورها إلى العصرين المرابطي والموحدي؛ فمدرسة الصابرين التي بناها ابن تاشفين في فاس هي أول مدرسة بالمفهوم القديم. على أي حال، فقد عرفت جل مدن المغرب الكبيرة كفاس ومراكش وسلا ومكناس وسوس في الجنوب المغربي وغيرها مدارس عتيقة بناها المرينيون والسعديون والعلويون وزودوها بخزائن كتب يعهد بتنظيمها وتسييرها لأحد المقيمين من طلبة العلم القاطنين بالمؤسسة. ومعظم أرصدتها مهداة من مؤسسيها من الملوك أو من الوزراء والأعيان والشيوخ.

5 - 4 - خزانات الزوايا

وقد ظهر نوع من المدارس سميت بالمارستانات على غرار المشرق لتعليم الطب، فقد أسس أبو عنان المريني بيمارستانا في سلا وزوده بخزانة كتب كانت تضم بلا شك كتبا في الطب. وبعد تخلي هذه المؤسسات عن دورها التثقيفي في أواسط القرن التاسع عشر ضمت محتوياتها إلى أرصدة مكتبات المساجد الكبرى التي استمرت في القيام بعملية التدريس. وقد ظهرت مجموعة من المدارس ضمن مؤسسات مغربية سميت بالزوايا تقوم بنفس الوظائف السابقة الذكر. عرف المغرب الزوايا منذ العصور الإسلامية الأولى: يروي صاحب "المرقي في أخبار سيدي محمد الشرقي" أن الزاوية وجدت في مدينة "تادلا" في القرن الرابع الهجري. وكانت تسمى رباطا ومهمتها تثقيفية وتربوية صوفية وجهادية. ولم تسم بالزاوية إلا في القرن السابع الهجري، وتعتبر زاوية أبي محمد صالح (631 هـ) بآسفي من أول ما سمي بهذا الاسم. وبدأت تنتشر في المدن المغربية ابتداء من القرن التاسع الهجري من أجل الدفاع عن البلاد وحماية ثغورها ضد الهجمات الأجنبية. ولم يقتصر دورها على الجهاد بل كان كذلك دورا تربويا للثقافة والتكوين، فزودت بالخزائن التي كتب لها أن تقوم بدور كبير وفعال في الحفاظ على التراث المخطوط. ولا تكاد تخلو منطقة من مناطق المغرب – مدنها وقراها، شرقيها وجنوبيها – من زاوية بها خزانة كتب ملأى بالنوادر والنفائس من الكتب المخطوطة. وقد أعطت هذه المؤسسات للمغرب أكبر العلماء والمفكرين في القرن الحادي عشر من أمثال أبي علي اليوسي وعبد القادر الفاسي وامحمد الناصر الدرعي وأبي بكر الدلائي وغيرهم. وقد يتعذر الأمر علينا إن نحن أردنا البحث في تاريخ هذه المؤسسات المتعددة وفي خزائنها الغنية. وسنكتفي بالحديث بإيجاز عن بعضها مما اشتهر بضخامة الأرصدة من الكتب والمخطوطات كزاوية الدلاء وتامكروت وسيدي حمزة وأبي الجعد.

أ- خزانة الزاوية الدلائية

أسست الزاوية الدلائية الشاذلية في القرن العاشر في الأطلس المتوسط. كانت غايتها صوفية وأصبحت سياسية بعد تدهور الحكم السعدي. نذكر من بين شيوخها محمد بن أبي بكر الدلائي وأبا عبد الله المرابط وابن عمران الفاسي وغيرهم. تدرس فيها العلوم النقلية والعقلية وعلوم الأوائل. تجمع لدى الزاوية خزانة شبهها أحدهم بخزانة الحكم المستنصر لضخامتها. ومن مصادرها الاقتناء والوصايا والوقف والاستنساخ. عرفت نهايتها على يد المولى الرشيد العلوي الذي تحوز مجموعة من كتبها لفائدة مكتبته الخاصة، ووقف جزءً آخر منها على مكتبة الجامع الكبير بمكناس، وانتهى بعض كتبها في خزائن أخرى كمكتبة "الزاوية العياشية (الحمزاوية) " ومكتبة مدينة "أبزو" التي عثر فيها على النسخة الفريدة من كتاب "البرصان والعميان والعرجان والحولان" للجاحظ (255 هـ).

ب- خزانة زاوية "تامجروت"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير