وأشاد محمد كرد علي بهذه المكتبة واعتبرها من أفضل مكتبات الدولة العثمانية.
وقد مرت هذه المكتبة بأحداث تاريخية كان أبرزها نقلها إلى دمشق خلال الحرب العالمية الأولى، ثم عودتها ثانية إلى المدينة المنورة بأمر الملك فيصل بن الحسين الهاشمي بعد أن دخل سوريا عام 1337هـ، كما تعرضت بعض مخطوطاتها إلى السرقة خلال السنين التي مرت بها.
كان للمكتبة أوقاف كثيرة في المدينة وإستانبول، وهي دور ودكاكين وبساتين وغيرها، لا يقل حصيلها السنوي عن 15 ألف جنيه بالعملة العثمانية الذهبية، وقد وضع الواقف في صك الوقفية تنظيماً كاملاً للإجراءات التي ينبغي أن تسير عليها المكتبة، والأوقات التي تفتح فيها، ورواتب القائمين عليها، ومن الشروط التي تسترعي الانتباه هو عدم جواز إخراج أي كتاب من المكتبة، لا عن طريق الاستنساخ ولا عن طريق الاستعارة، بل يقتصر الانتفاع بالكتب داخل المكتبة عن طريق المطالعة أوالاستكتاب أو المقابلة أو غيرها، ومن الشروط أيضاً: " أن يجيء قاضي المدينة المنورة في شهر محرم مرة كل ثلاث سنوات، ويجمع حفاظ المكتبة وخدامها، ويعد الكتب المرقومة واحداً بعد واحد في مواجهتهم ".
وللمكتبة ختم كتب عليه: (مما وقفه العبد الفقير أحمد عارف حكمت الله بن عصمة الله الحسيني في مدينة الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والتسليم بشرط ألا يخرج عن خزانته، والمؤمن محمول على أمانته 1266هـ)، وهذا مما يعني أنه أوقف الكتب قبل بناء المكتبة، أو أن التاريخ المدون على المبنى (1270هـ) غير دقيق.
تقع المكتبة حالياً ضمن مكتبة الملك عبد العزيز المطلة على المسجد النبوي الشريف من الناحية الغربية، وتحتوي مكتبة عارف حكمت على (4389) مخطوطاً أصلياً، و (632) مجموعاً خطياً تضم (3838) رسالة مخطوطة إضافة إلى (7758) مطبوعاً نادراً وحديثاً، وألحقت بها عدة مجموعات عن طريق الوقف أو الإهداء، وأهم هذه المجموعات: مجموعة أردوغان جعفر أسعد وعدد كتبها (169) كتاباً، مجموعة موسى تركستاني وعدد كتبها (105) كتاباً، مجموعة صالح إخميمي وعدد كتبها (232) كتاباً. وقد تنوعت مخطوطات المكتبة فشملت كل الفنون ولها ثلاثة فهارس: فهرس للمخطوطات، وفهرس للمجاميع، وفهرس المطبوعات النادرة والحديثة ().
لفت انتباهي خلال عملي في مكتبة الشيخ عارف، أن عدداً من المخطوطات المودعة في المكتبة نسخت في المدينة المنورة، وبفترات زمنية مختلفة، فقمت بحصرها، وعمل فهرس تحليل لها، لتكون مرجعاً للباحثين والمهتمين بتاريخ المدينة المنورة، يستطيعون من خلاله إلقاء الضوء على الحركة العلمية النشطة في الفترات التي نسخت فيها هذه المخطوطات وإبراز الفنون التي اعتنى بها علماء المدينة.
حرصت أن أبين عند فهرسة كل مخطوطة العناصر التالية:
• عنوان المخطوطة: أثبت ما نص عليه المؤلف، فإن لم ينص عليه أثبت ماوُجد على غلاف المخطوطة إن كان له وجه من الصحة.
• اسم المؤلف: أثبت من خلال المصادر: اسمه واسم أبيه، ولقبه، وكنيته.
• تاريخ وفاته: أثبت تاريخ وفاته إن كانت مدونة أو مذكورة في المصادر التي رجعت إليها.
• بداية المخطوط: أثبت جزءاً من أول النص.
• نهاية المخطوط: أثبت جزءاً من آخره.
• نوع الخط: بينت نوع الخط ضمن التصنيفات التالية: نسخ (معتاد، جيد، حسن)، رقعة، ثلث، فارسي، مغربي.
• اسم الناسخ، تاريخ النسخ: إن صرح بها الناسخ.
• مكان النسخ: المدينة المنورة والمكان الذي تم به النسخ إن وجد.
• تبصرة المحتوى: عرّفت فيها بالكتاب إن لم يكن من الكتب المشهورة وإلا أغفلتها.
• الأوراق، الأسطر، المقاس: أثبت عدد الأوراق والأسطر وأبعاد المخطوطة بالسنتيمتر، ورمزت للأوراق بالرمز: ق.
• ملاحظات عامة: ذكرت فيها النقاط التالية:
? حال المخطوطة إن كانت منقوصة الأول أو مبتورة الآخر.
? حالها من حيث الجودة وعدمها، وما أصابها من الرطوبة أو الحموضة أو الأرضة.
? التصحيح والمقابلة والضبط.
? الجدولة والتذهيب والزخرفة.
? الهوامش والتعليقات والحواشي.
? السماعات.
? التملكات والتحابيس والأختام.
? تباين حجم الخط.
? الصور والمخططات.
? الفوائد العلمية التي تعين على معرفة عصر التأليف إن كان العنوان مجهولاً.
• رقم الحفظ: أثبت فيه رقم الحفظ في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة.
¥