تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المخطوطات المنسوخة في المدينة المنورة "منقول"]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[11 - 07 - 08, 02:47 ص]ـ

المخطوطات المنسوخة في المدينة المنورة

المحفوظة في مكتبة عارف حكمت

أ. عبدالصمد محمد جان بن محمد ظاهر

أمين مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين .. أما بعد:

كانت المدينة المنورة في القرن الثالث عشر الهجري واحدة من مراكز الثقافة العربية الإسلامية المتميزة، وكانت الحركة العلمية فيها تتركز في حلقات المسجد النبوي والمدارس والأربطة والزوايا المنتشرة حوله، يديرها ويحضر فيها علماء وطلاب علم من أهل المدينة ومن أنحاء العالم الإسلامي، يفدون للزيارة أو المجاورة، أو الفوز بفرص التدريس والدراسة في هذه المدينة المقدسة ولقاء شيوخ ذاع صيتهم والحصول منهم على إجازات علمية.

وكان يرفد هذه الحركة العلمية ويسهم في إنمائها مكتبات تابعة للمسجد النبوي والمدارس والأربطة، ومكتبات أخرى في بيوت العلماء والمثقفين، وقد بلغ عدد هذه المكتبات ثمانين مكتبة مختلفة الأحجام والمحتويات، وكانت أبرز هذه المكتبات مكتبة عارف حكمت الوقفية العامة.

أسس هذه المكتبة السيد أحمد عارف حكمت بن إبراهيم بن عصمت بن إسماعيل رائف باشا. ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما.

ولد في تركيا عام (1200هـ)، وتربى في بيت علم وفضل، وأتقن إضافة إلى لغته الأم التركية العربية والفارسية، وطلب العلم الشرعي على فحول علماء عصره، وفي عام 1231هـ تولى القضاء بالقدس الشريف، وكان عام شدة وغلاء فتصدق بأمواله وخفض ثمن الخبز، وفي عام 1236هـ تولى قضاء مصر، ثم أسند إليه القضاء بالمدينة المنورة عام 1238هـ، فقرب إليه العلماء والأدباء، ورفض الهدية والرسوم التي اعتاد من قبله أخذها.

وفي عام 1246هـ عاد إلى الآستانة، وشغل فيها مناصب عديدة، فقد تولى الإفتاء في مجلس الأحكام العدلية عام 1256هـ، وفي عام 1260هـ تولى الإفتاء في مجلس العسكرية، وفي غرة ذي الحجة من عام 1262هـ أسندت إليه مشيخة الإسلام، وهو أعلى منصب قضائي في الدولة العثمانية، استمر فيه سبعة أعوام ونصف، تفرغ بعدها للعبادة والمطالعة إلى وفاته عام 1275هـ.

كان -رحمه الله -عالماً فذاً، وشاعراً مجيداً، ومن جميل شعره ماأنشده بمناسبة احتراق المسجد الحرام:

تحمل بيت الله عن كل زائرٍ ... ذنوباً بها اسودت له الكسوة البيضا ...

فلما استحقوا النار من كثر مأثمٍ ... فلم يرض إلا أن تَحَمََّلها أيضا ...

ومما قاله في الروضة الشريفة:

بين قبر ومنبرٍ لنبيٍ ....... روضة من رياض جنة عدن ....

فادع فيها بما اشتهت لك نفس ... بأكف الدعا جنى الخير تجنى ...

ومن جميل شعره متحدثاً بنعمة الله عليه:

ألم تعلم بأن سماء فكري ...... تلوح بأفقها شمس المعارف .....

تفرس والدي فيَّ المزايا ....... فيوم ولدت لقبني بعارف .....

خلف رحمه الله عدداً من المؤلفات منها بالعربية: الأحكام المرعية في الأراضي الأميرية، ومجموعة تراجم لعلماء القرن الثالث عشر، وله ديوان شعر بالتركية والفارسية والعربية ().

المكتبة عند تأسيسها:

ومن جميل مآثره -رحمه الله تعالى -المكتبة التي أنشأها بالمدينة عام 1270هـ، وأصبحت تعرف به ويعرف بها، كانت في مبنى مستقل يقع جنوب المسجد النبوي الشريف، في مواجهة الجهة الجنوبية الشرقية منه، يفصل بينها وبينه شارع، ويتألف المبنى من دور واحد تعلوه قبة جميلة، وفي وسطه حوش فيها نافورة ماء من الرخام، ويلاصق المكتبة من الجنوب سكن صغير للناظر يتألف من دورين وأربعة غرف، والمبنى في غاية الجمال. وقد رتب لها حفظة وخدمة، ووقف بها كتبه التي تتجاوز خمسة آلاف كتاب، فيها من نفائس المطبوعات، ونوادر المخطوطات، بالإضافة إلى حسن العناية والتنظيم، مما جعلها محل ثناء وإعجاب أغلب الزائرين والكاتبين.

فقد ذكرها علي بن موسى بقوله: (وكتبخانة المرحوم شيخ الإسلام -عارف حكمت بك -التي لا نظير لها في أرض الحجاز، لكثرة ما فيها من الكتب النفيسة والخدمة، والمجلدين الموظفين دائماً).

وقال عنها البتنوني في رحلته: (وهذه الكتبخانة آية في نظافة مكانها وحسن تنسيقها وترتيب كتبها …).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير