قال سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ: {لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء كان خالد الربعي ـ رضي الله عنه ـ يقول: عجبت لهذه الأمة في? وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ? أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة، وليس بينهما شرط}.
وقال أحد السلف ـ رحمه الله تعالى ـ: متى أطلق لسانك بالطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك.
ومهما كان حالك فاسأل فإنه يعطيك من أجل أنه هو الجواد الكريم الرحمن الرحيم الوهاب الرزاق أرحم الراحمين.
وإن تحسن به الظن لذلك فكن كما قال أحد السلف ـ رحمه الله تعالى ـ: إن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه فحسن ظنك به لوجود معاملته معك، فهل عودك إلا حسنا , وهل أسدى إليك إلا مننا.
موانع التوفيق
اعلم أخي الحبيب أن ما يمنع عن التوفيق ويجلب لك الخذلان بإجماع العارفين من العلماء السالكين إلى الله تعالى أن يكلك الله تعالى إلى نفسك. والخذلان من
1 - المعاصي الظاهرة و بخاصة معاصي الشهوة (النظر – اللسان – الاستماع – اللمس – الشم (………
2 المعاصي الباطنة وهى الأخطر ومن أشدها العلائق تعلق القلب بغير الله تعالى.
ومن أشدها كذلك الدعوى ورؤية النفس وأنها شيء، فالحذر الحذر كل الحذر أن تدخل علي الله تعالى وأنت تدعي شيئا من الربوبية أوالألوهية، فلا تدخل أصلا بل تطرد من بعيد وتسقط من عين الله تعالى , كما فعل بإبليس نعوذ بالله منه طرد من رحمه الله أبد الآبدين لما قال ? أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ? ادّعى الخيرية وكان الواجب عليه ـ لولا الشقوة ـ أن يؤثر التذلل على التكبر، لا سيما والخطاب الوارد عليه من الحق تبارك وتعالى , ثم إنه وإن سلك طريق القياس فلا وجه له مع النفس لأنه بحظٍ، فلا يزده قياسه إلا في استحقاقه نفيه إذ ادّعى الخيرية بجوهره (حيث اعتبر النار خير من الطين) ـ ومن قال أن في هذا خيرية ـ، ولم يعلم أن الخيرية بحكمه ـ سبحانه ـ وقسمته كذلك قد يرى الإنسان لنفسه خيرية، وما هي بخيرية.
ويقال من رأى لنفسه قدر أو قيمة فهو متكبر، والمتكبر بعيد عن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ ورؤية المقام قدم في الربوبية إذ لا قدر لغيره تعالى، فمن ادعى لنفس قدر فقد نازع الربوبية فيكون جزاءه، الطرد والذلة والصغار.
كما قال تعالى ? قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ? أخرجه من درجته، ومن حالته ورتبته، ونقله إلى ما استوجبه من طرده ولعنته، ثم تخليده أبداً في عقوبيه، ولا يذيقه ذرة نم برد رحمته، فأصبح وهو مقدم على الجملة، وأمسى وهو أبعد الزمرة، وهذه آثار قهر العزة، فأي كبد يسمع هذه القصة ثم لا يتفتت؟!
قال تعالى? قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ?
ويخسف بك كما خسف بقارون لما ? قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ?
كذلك ما لاحظ أحد نفسه إلا هلك بإعجابه.ويقال السم القاتل، والذي يطفئ السراج المضيء النظر إلى النفس بعين الإثبات، وتوهم أن منك شيئا من النفي والإثبات
قال تعالى? فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ?. [لطائف الإشارات بتصرف]
المقصود أن تدخل العمل: 1) باليقين والافتقار.
2) بالوداع:
بأن هذا العمل هو آخر أعمالك في الدنيا وفيه تقابل ربك ـ سبحانه وتعالى ـ لوصية النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لأبي أيوب – رضي الله عنه ـ: (إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع). [أحمد، صحيح الجامع/742]
ولقوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: {أذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته أحرى أن يحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها} [السلسلة الصحيحة/1421]
فانظر كيف تقابله ـ سبحانه وتعالى ـ واعلم أن نظر الله تعالى إلى ما في القلب، كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ: {إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم}. [مسلم]
3) بالاستغفار:
والمقصود بالاستغفار هنا هو الاستغفار المقرون بالتوبة حتى لا تحرم بالذنوب.
¥