تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - التأكد من درجة الحديث من حيثُ الصحة والضعف، فلا تبنى الأحكام والاستنباطات على أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وهذا الأصل له فنٌّ خاص عند دارسي السنة النبوية اسمه "علوم الحديث" أو "مصطلح الحديث" وهو قائم على "النقد العلمي للإسناد والمتن"، و"ضوابط توثيق الأخبار" وتنقية السنة مما قد يشوبها، وقد سئل عبد الله بن المبارك- الإمام المشهور -: عن الأحاديث الموضوعية؟ فقال: "تعيش لها الجهابذة، قال - تعالى - {إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنا له لحافظون} "، وأخذ هارونُ الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين؟ قال: أريح العباد منك، قال: فأين أنتَ من ألف حديث وضعتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا!.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك، فلكل علم رجالٌ يعرفون به، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً، وأعظمهم صدقاً، وأعلاهم منزلة، وأكثرهم ديناً، وهم من أعظم الناس صدقاً و أمانة وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل: مالك وشعبة وسفيان ... "

وعلم الإسناد وما ترتب عليه لم يظهر في الأمم السابقة، وهو من أعظم إنجازات المسلمين في مجال البحث العلمي، ومثار الثناء والإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء.

3 - جمعُ روايات وألفاظ الحديث الواحد فالحديث بمجموعه يفسر بعضه بعضاً، قال أحمد بن حنبل: ((الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يُفسر بعضه بعضاً) قال ابن حجر في الفتح: ((المتعين على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق ويشرحها على أنه حديث واحد فإن الحديث أولى ما فسر بالحديث) لذا تجد الشراح البارعين أمثال: ابن عبد البر في كتبيه "التمهيد" و"الاستذكار"، وابن رجب في كتابه "فتح الباري" وبقية كتبه، و ابن حجر شارح صحيح البخاري في كتابه "فتح الباري" - يُعنون في بيانهم لسنة النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بجمع روايات وألفاظ الحديث الواحد، وقد ذكر العلائيّ في كتابه " نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" -ص111 - قاعدة شريفة عظيمة الجدوى في هذا الباب يحسن بالمتخصص أن يتقنها.

ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان المتفق على صحته - فله طرق كثيرة وألفاظ عديدة ففي بعض طرقه أنَّ أم حرام "قالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت" قد يفهم بعضهم من هذه الرواية أنها خرجت بدون محرم، ولكن هذا الفهم مردود بالرواية الأخرى المتفق على صحتها- "فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ... " وهكذا الروايات والألفاظ يفسر بعضها بعضاً لمن طلب الحق بصدق وعدل.

4 - جمع الأحاديث الواردة في المسالة المستنبطة، ومراعاة قواعد وأصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، والفقهاءُ المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة،، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة،

قال الشاطبي: " من يأخذ الأدلة من أطراف العبارة الشرعية ولا ينظم بعضها ببعض، فيوشك أن يزل، وليس هذا من شأن الراسخين وإنما هو من شأن من استعجل طلبا للمخرج في دعواه".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير