هذا الرجل كان يعرف كيف يزيح عن ليلها تلك الوحشة .. كان يتقن عزف ألحانها الهادئة .. كان يجيد لغة التداول الأنثوي .. تماما مثلما يجيد أن يتلو على مسمعها بعضًا من قصيده المباح .. آآآآآآآآآآآه من ذيّاك الإحساس الذي يضرمه في قلبها عذوبة حرفه .. نبرة صوته .. فصوله الخمسة المقلعة .. فضوله الواثب على ملامح وجهها .. ماذا عساها تكون.؟؟ هو يعرف من تكون .. ويعرف أسطورة هبوطه على خارطة زمانها المختلقة .. ذلك الهبوط الاضطراري الذي يدّعيه .. لكنه لا يعرف تقاسيم وجهها .. جُلّ ما يعرفه عنها لا يرضي غروره المتحذلق ... لا يشبع شهوة الضمير الميت فيه ..
هذا الرجل .. عجزت كيف تدلي بقوانينها النفسية في تفسير سبب إعجابها به رغم بشاعة ما يحمله بين جنبيه .. أتساءل: هل كل ماينبض داخل صدر كل منا يمكن أن نسميه قلبًا؟؟ هل القلب ذاته الذي يحب يمكنه أن يخون؟! .. هل سُمِّي القلبُ قلبًا من التقلُّب .. ؟؟ وحين يصدُق هذا القلب هل من السهل عليه أن يتجاوز خطوط الصدق فَيَمُجُّه بالكذب والخداع؟! تبًّا لهذا القلب إذًا كم يجرؤ وكم يتجرأ ... !!
قلب هذا الرجل ... كم كان يلزمه من الصدق معها كي تواصل شغفها به؟؟ وكم كان يلزمها من السذاجة معه كي تبقى في حالة الحب التي خرقت بها قوانين العطاء والوفاء؟؟ .. فقدمت كل ما تملك بلا حدود .. هي أنثى العطاء بلا حدود .. أنثى نسيت هدنة الحب حين وقعت بين فكي رغبته الخبيثة ولحظتها الضعيفة .. فترجّلت عن قمة طُهرها إلى سفح رغباته المتوارية .. خاطبها من بعيد .. لكنه عرف كيف يمتلك صهوة جنونها المتبتل .. مازالت تتردد على صفحة قلبها تلك الكلمات التي استعذبتها واستعذبت معها كل ما فيها من ألم ..
حقيقة ً _ نحن النساء _ كم نستعذب الرقص على إيقاعات الألم .. ونحوم حول النار كما تحوم الفراش حول هالة من النور حتى ولو كان مصدرذلك النور ينبعث من ورائه سَقَرُ نارٍ متأججة .. كلمات تلك الأغنية التي اختطّ حروفها من مداد قلوب النساء مازالت تغنيها كل مساء .. حتى هذا المساء الشاحب الخالي من سحر صوته زارها اليوم .. كعادته في كل يوم .. يهبط ثقيلا على قلبها فيثيرصداه في الكون صمت الذبابة .. ويثير معه كل الذكريات في سطر واحد .. في لحن واحد .. في ثانية واحدة .. تمر أمامها الصورالراحلة .. الكلمات الموزونة المتساقطة على حبات قلبها .. الأصوات الغائبة .. فتصرخ .. ولسان دمعها يردد:
" افتقدتك .. كل هالمدة افتقدتك .. وكنت خايف لا يطيح الدمع ويشوفه أحد .. "
أما الآن:
يا سيد الوقت المجهول .. يا سيد الشعر المكذوب .. يا سيد المستحيلات .. يا سيد الاشتعالات الموقوتة .. يا سيد البوح المُرْتَهَن لدي .. ربما حان وقت إدراكي أنك الوهم .. أنك اللحظة المغادرة .. ياسيد الحزن العابر قارات مساحاتي .. يا سيد ي .. مأساة حبي لك عاشت كبيرة .. فمتّ في داخلي صغيرًا ..
يا سيدي .. ما عدتُ أهوى الانبهار بك .. ما عدتُ أقوى على عبور نسيانك بالذاكرة .. يا سيد اللحن الأول .. والليل الأول .. والحب الأول ..
""آن أوان إقلاعك "" ..
سيدي الشاعر: دور الضحية المخدوعة ما عاد يشجيني .. وسيناريو الثعلب الذكي لن يكتمل ... جرّبتُ مع مرارة كذبك احترافَ الصمت .. فجرِّب مع قسوة بوحي احترافَ الصدق ..
أسيرة وهمك ...........
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[22 - 08 - 2008, 08:19 م]ـ
""يبقى قلمي متواضعا .. وصوت حرفي ضئيلا فاترًا أمام ما خطّته أنامل العظماء والمبدعين ..
إلا أنّ كل ما دونته هنا من وحي بنات جروحي .. يبقى على الزمن شاهدًا لي أوعلي ""ّ.
.................................................. .......................
افتقدتُه منذ اللحظة الأولى التي عرفتُه فيها وعرفه قلبي بصوته الحاني ... غابت صوره عن ناظري كما الشمس تشرق ثم تغيب .. كما الغيم في مدينتي ينبئ عن هتونه ثم ما يلبث أن يسير بعيدًا .. حيث لا موانئ تُقصد .. لا عشب يقتات .. ولا حلم يستفيض .. ماعدتُ أنتظر لهذه الشمس شروقًا فقد حَان أوانُ الغيابِ الأخير .... عرفته حبًّا من أول نظرة؟؟ ... فهل عرفتم فقدًا من أول لحظة .. ؟؟!!
كعادته دائما أراد الحضور .. ليرسم على بابي نهاية مطافه المكرور .. في ثكنات العشق والتّيه عند زماني المتلاشي ..
¥