تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في ذاكرة النسيان .. !!]

ـ[ريم الطيب]ــــــــ[20 - 08 - 2008, 01:09 ص]ـ

""يبقى قلمي متواضعا .. وصوت حرفي ضئيلا فاترًا أمام ما خطّته أنامل العظماء والمبدعين ..

إلا أنّ كل ما دونته هنا من وحي بنات جروحي .. يبقى على الزمن شاهدًا لي أوعلي ""ّ.

.................................................. .......................

افتقدتُه منذ اللحظة الأولى التي عرفتُه فيها وعرفه قلبي بصوته الحاني ... غابت صوره عن ناظري كما الشمس تشرق ثم تغيب .. كما الغيم في مدينتي ينبئ عن هتونه ثم ما يلبث أن يسير بعيدًا .. حيث لا موانئ تُقصد .. لا عشب يقتات .. ولا حلم يستفيض .. ماعدتُ أنتظر لهذه الشمس شروقًا فقد حَان أوانُ الغيابِ الأخير .... عرفته حبًّا من أول نظرة؟؟ ... فهل عرفتم فقدًا من أول لحظة .. ؟؟!!

كعادته دائما أراد الحضور .. ليرسم على بابي نهاية مطافه المكرور .. في ثكنات العشق والتّيه عند زماني المتلاشي ..

كعادته دائما .. يباغتني قدومُه .. وتغتالني مواقفُه الساخرة من الحبِّ والمحبين ..

يقال: إنه أدمنَ اغتيالَ قلوبِ النساءِ بقيدِ الاحتياج .. و استعذب عزفَ دواوينِه ملحنةً حين كبّلها بقَيْدِ " سيّدتي " فاحتكمت أنثى هذا الزمن أمرَها عند أول سطر من الشعر أسمعها إياه .. فقد كانت مثله تغنّي لحن الاحتياج ..

هكذا عرفتُه يظمأ كثيرًا إلى كل النساء .. إلى الحب المغشوش .. ينهل منه صبح مساء .. دونما ارتواء .. يعبث بالصور .. يحرِّف الأرقام .. ويسجلها في ذاكرة هاتفه تحت أسماء مستعارة ليبتزّ بها القلوب قبل أن يبتزّ الجيوب .. الحب عنده لعبة قمار .. أو ضرب من الرّهان .. يزجّ به قسْرًا أمام تُرَّهاتِه التي يدّعيها ثم مايلبث أن ينظِمَها شعرًا يغرّد به خارج سرب الوفاء .. ويرحل .. بعد أن يعزفه على أذنها المتعطشة إلى بحر حبه .. بل إلى قطرة من بحر حبه .. فقد اعتادت منه الهبوط المباغت .. كما عوّدها على إقلاعه الاضطراري ..

هو رجل اللحظة .. رجل يرفض المجادلة لو تداولتها معه امرأة ذات وقار .. لكنه لا يرفض التداول في المشاعر .. فهي البورصة .. وهي الأسهم التي يستثمر بها أقوات القلوب .. بل هي أرصدته من كل عمره .. يستثمرها في مصارف خبراته المزعومة بالنساء .. هو سمسارالتداول باسم الحب .. لأسماء مستعارة .. أحمد .. سالم .. ناصر .. منصور .. عصام .. أيًّا كان اسمه من بين الأسماء ... لا يهم .. الدنيا كلها مستعارة .. فليس بذي شأن أن نستعير من الأسماء .. ونستعير مع الأسماء مشاعر الناس .. ونصادرها منهم لنعرّيهم من كراماتهم .. من ذواتهم .. من مشاعرهم ..

كعادته عرفتُه .. منذ أن عرفتُه .. يختلس لحظتي المسروقة من فم الزمن .. ومن أعين الناس .. وأختلس معه لهفة الشعور وفيض الإحساس ..

صوته يطرق نسيج فؤادي .. ولا يغادر .. وكيف يغادر؟؟!! ... أوَ لم أُعلِمْكم بأنّ صوته باق ٍ في قلبي رغم زحف السنين الفاترة.؟؟!!

جاءني زمانه .. ولا تسألوا كيف جاء .. ؟؟ متى جاء ... ؟؟؟ و لمَ جاء .... ؟؟؟؟ ...

كل الأسئلة ستظل إلحاحات عقيمة لن تلقى لها إجابات لغوية مقنعة في قاموسي .. لا مثبتة ولا حتى منفية ..

بشخصه الغريب كما السراب يلمع داخل الأحداق جاء .. كما الزمن في أصغر وحداته جاء .. كما الليل في أطول همومه جاء .. بنسماته وذكرياته ودموعه جاء .. ككل الأشياء تأتي لترحل .. نَعْرةٌ هَوْجاء ... هَوْجاء ... !!

حبُّه كان قطرة ضوء في جبين خريفها الثلاثيني المهدور .. حبة ضوء برقَتْ في عتمة ليلها الساجي على سجّادة الطهروالعفة والقناعة .. مجيئه أحدث للثورة في أعماقها فجوة اختلط فيها مرَجُ الطُّهر بمَرَجِ القيود المصيرية .. التي فرضَتْ طقوسَها البالية عليها منذ جَهِلتْ قولة: لا ..

فقالت له ولثورتها: نعم ... !!

نعم .. آآآآآهٍ منها كم تبدّل من حال إلى حال .. نعم .. آآآآهٍ منها كم تغرِّم صاحبها من مصيره ما تنوء بحمله الجبال .. هذه الكلمة التي أسقطتني من قمة رأسي على رأسي .. حين فغرتُ فاهي بها .. وكأنها الذنْبُ والمُذنِب .. لكأنها القاضي والجلاد .. بل كأنها الماء والنار كلاهما يضرم صاحبه .. أو يُفْتَتَنُ به صاحبه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير