أكرِمْ بجيش رسول الله قائده (في ذكرى غزوة بدر)
ـ[عصام البشير]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 06:59 م]ـ
أكرِمْ بجيش رسول الله قائده
(في ذكرى غزوة بدر)
سواكب الدمعِ نهواها وتهوانا = ننسى البكاءَ ولكنْ ليسَ ينسانا
يدُ الهمومِ أناختْ فوق كاهلِنا = فما استقلَّت بها أهزاجُ شكوانا
ترمي الحياةُ بنا في حضن لُجتها = أنيسُنا الحزنُ مذ كنّا، ومذ كانا
والموتُ ينهشنا في كل ثانيةٍ = فلمْ يهُنْ في يدِ الإحصاءِ موتانا
لا نملكُ الوقتَ كيْ نَرويْ مآسيَنا = صرنا لأحزان كل الناسِ أزمانا
في كلّ يوم لنا ذكرى لنائبةٍ = ملّ الزمانُ، وما ملّتْ رزايانا
في كل ربعٍ لنا قتلى مجدّلةٌ = جوفُ الثرى لدِمانا صار صديانا
نغُضّ أعيننا كي لا نرى ألمًا = يختالُ في دمِهمْ .. ينسابُ حيرانا
يسري ليسألنا بالهمسِ عن زمنٍ = كنّا بروضته للمجدِ أقرانا
كنا ملوكا بكل الأرض سلطتُنا = في الفخر تلبسنا التيجانُ تيجانا
كنا أسودا على الأكوانِ سطوتنا = كأنما الخوفُ في الهيجاء يخشانا
كنا بحارا ملأنا من جواهرنا = مسامع الدهر إيمانا وعِرفانا
كنا جبالا على هاماتها لهَبٌ = يهدي السُّراةَ زرافاتٍ ووحدانا
كنا سيوفا تزف الحتفَ، صارَ لها = عند الوقيعةِ هامُ الكفرِ أجفانا
كنا قصيدا بثغر الدهرِ ينشدهُ = وكان شهدُ العلا وزنا وألحانا
كنا وكُنا .. ولو شئتُ اختصارَ كَلا = مي قلتُ: كنا بحيثُ العز قد كانا
أُقلّب الطرفَ في التاريخِ أسألُهُ = هلْ يا تُرى عرف التاريخُ شروانا؟
وليتَ شعري أفي الأعصار ملحمةٌ = يخُطّها قلم التاريخِ جذلانا
كيوم بدرٍ .. وقد شادتْ بعرْصتهِ = ضياغمُ الحق للتوحيد بنيانا
يومٌ تُوشّي جبينَ الدهرِ غُرَّتُهُ = ويرتدي من حُلاهُ الكونُ عقيانا
وأينعَ الحقُّ في أرجاءِ دوحتهِ = فرعًا سَقتْه عَزالي الصبر، فينانا
قام الرسولُ ونور الوحيِ يُرشده = بالله معتصما، بالحق مزدانا
وقام فتيةُ صدقٍ قال قائِلُهم = (إن شئتَ خُضنا وَراكَ اليَمَّ ملآنا
الصبرُ يعرفنا، والجبنُ يجهلنا = والصِّيدُ تلقى المنايا حين تلقانا
إنْ نُقتلِ اليومَ نَقتلْ منهمُ زمرًا = لا يستوي اليوم قتلاهمْ وقتلانا
أرواحُنا قد دفعناها مهورَ جِنا = ـنِ الخُلدِ نبغي بها روحا وريحانا)
قاموا إلى الحربِ .. عينُ اللهِ تكلأهمْ = وقد تردّوا من الإيمانِ أكنانا
أكرِمْ بجيش رسول الله قائده = يدعو .. فتنقلِبُ الأفلاكُ آذانا
للهِ صوتٌ بأنحاء العَريشِ سَمَا = يقدّم الذلَّ للرحمن قُربانا
وصاحبُ الصِّدقِ من قرْبٍ يناشِدهُ = (بعضَ الدعاءِ .. فنصرُ الله قد حانا)
كانتْ سويعةَ صبرٍ، بعدها انهزمتْ = جحافلُ الكفرِ مُشاءً وركبانا
وسارَ أسْدُ الشرى في إثرهمْ، وبأيـ = ـديهمْ شرابُ الرّدى، قتلا وإثخانا
وحلَّ كلُّ خبيثٍ عينَ مصرَعهِ = ما حادَ عنهُ قليلا، لا ولا بانا
يومٌ تقاسَمَ أهلُ الشركِ حنظلَهُ = قد صار بين الهُدى والغيِّ فُرقانا
يومٌ مضى وانقضى، يا ليتَ أنَّ لنا = في دهرِنا مثلهُ يختال نشوانا!
يا أمتي: هل أرى يوما صوارِمَكمْ = تهمي المنايا بها سَحّا وتَهتانا؟
ويا تُرى هل أرى يوما عزائِمكمْ = قد طَمَّت الكفرَ بالتوحيد طوفانا؟
وهلْ أراكمْ تَؤُمّونَ المعاليَ فُرْ = ـسانًا مدى يومِكمْ .. في الليلِ رُهبانا؟
إني لأرجومن الرحمنِ عزتكُمْ = ولنْ يُخَيِّبَ مضطرّا ولهفانا
قد أوشك الفجرُ أن تبدوْ أشعّتُهُ = تَعُمُّ بالبشرِ أقواما وأوطانا
20 رمضان 1429.
ـ[مُسلم]ــــــــ[20 - 09 - 2008, 11:45 م]ـ
ليَ الشرف أنْ أكونَ أولَ من أرد على هذه الدرر التى ظُلِمَتْ حين سميّناها أبياتاً ...
قصيدة رائعة جداً أخي ... جزاك الله خيراً ..
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[22 - 09 - 2008, 11:08 م]ـ
كنا سيوفا تزف الحتفَ، صارَ لها
عند الوقيعةِ هامُ الكفرِ أجفانا
حين يقول الشعر أديب يتنوق أحلى الكلام، و يقدح زناد الإلهام، تترقرق عذوبة الأشعار وتتدفق حذاقة الأفكار.
أُقلّب الطرفَ في التاريخِ أسألُهُ
هلْ يا تُرى عرف التاريخُ شروانا؟
موسوعي في التاريخ مثل شاعرنا لا يُحطب في ليل الرواية، وإنما يقلب طرف الدراية.
قصيدة منضودة السبك، منسابة الجرس، وقّادة الحس
ـ[عصام البشير]ــــــــ[29 - 09 - 2008, 11:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم.
ـ[دعلان]ــــــــ[29 - 09 - 2008, 10:21 م]ـ
الله يوفقك
ـ[سيد الشهداء]ــــــــ[30 - 09 - 2008, 08:53 ص]ـ
بارك الله بك اخي عصام البشر ....
أبيات شاعر كبير ... تحس بأنها تكلم قلبك .... لا تستطيع ان تتوقف عن قراءتها ... جزاك الله عن المؤمنين ألف خير ....
ومثلي لا ينقد قصيدتك .... لأنها عليت عن النقد ... وليس مثلي من ينقد قصيدتك ...
السلام عليكم
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 10 - 2008, 10:01 م]ـ
أخي دعلان
بارك الله فيك.
أخي سيد الشهداء
جعل الله لك من اسمك نصيبا.