(((((لقد أطلت الوصف ,وأشكرك أستاذ معين على هذا الوصف الرائع لبلدنا الكرمل , إنها تحاكي الجَمال والنغم بما ينطق به خرير الماء , وحفيف الشجر وتغريد العصافير , فقد عرفتْ العروض الفطري قبل أن يعرفها الإنسان , وهذه قضية يجب أن نعرفها تماماً , بل نحن نعرفها ولا ننكرها.))))
ويقول الأستاذ معين:
كنت أصغي إلى تحولات نغمة الخرير، محاولا أن أجد نمطاً موسيقياً لهذا الخرير مع توابعه من حفيف وزقزقة وأعرودة وهمس نسيم وصرير ريح!!
كنت ابتهج من هذه الهرمونية الطبيعية ورجحت رغم صغر سني بأن الطبيعة تتحدث إلينا بأصواتها والعقلية الإنسانية تشتق منها النغمات وتزجها في مسارب الكلمات! والنتيجة الأولى التي توصلت إليها هي أن الله عز وجل جعل سمعنا مباحاً للأصوات وليس مصاناً كعين مصانة بالأجفان، وكل ذلك كي تقتحم الأصوات الكونية آذاننا متغلغلة إلى عقولنا الكامنة (الباطنية) ومن ثم تنبجس إى عقولنا الواجدة (الواعية) فنبني ديالكتيكياً (جدلياً) نمطية أرواحنا ونوعيتها والطابع الذوقي الذي يتحول من ذائقة فردية إلى ذائقة مقبولة ومن ثم إلى ذائقة عامة في الهوية التراثية!
وهذا هو الذي جعل الإحساس سابقاً للعقل الجبري المنطقي أو العلمي، حيث أن الكائن البشري يشفط إلى دخيلته ملايين الأصوات والصور والسلوكيات الطبيعية غير المدركة فيبدأ يستشعرها ويعانيها دون أن يعها ويعاينها إلا إذا كون لها نمطاً في إدراكه الحسي يتناسب ووعيه الفكري!! هكذا بدأ الشعر: ظاهرة طبيعية في مراحل نمو العقل الإنساني وفكره الحسي!
@@@@@@@@@
ويرد غالب الغول قائلاً:
((((صدقت يا أستاذ معين , فالأصل هي الطبيعة وما تنتجة من نغمات , مثل زقزقة العصافير , وحفيف الأشجار والأصوات الكونية الأخرى التي تفضلت بها , وجميعها تندرج تحت عباءة الموسيقى الكونية , لتعطينا سيمفونية رائعة الجمال , ولكن.
لي رأي توضيحي آخر ينبغي للدارس أن يعرفها وهي:
لغة الطبيعة بموسيقاها , لا تختلف عن لغة الإنسان بمفرداته اللغوية النثرية , فاللغة العربية عند النطق بها تسحرنا بموسيقاها , وعذوبة جرسها , تماماً مثل لغة الطبيعة ولغة الطيور وباقي الحيوانات , التي تتحفنا بجودة نغماتها الموسيقية , وأنت كررت كلمة النغمات والموسيقى كثيراُ في مقالتك , واختتمت عبارتك السابقة بقولك (وهكذا بدأ الشعر).
وأنا أوافقك الرأي, ولكنك تجاهلت إضافة بعض الكلمات التي تخص الشعر , ولم تذكرها في مقالتك , وهي عن فاعلية الإيقاع ومفهومه في الشعر والموسيقى , فاللغة العربية جملة وتفصيلا , هي لغة موسيقية , ولكنها ليست لغة إيقاعية , ولن تكون لغة إيقاعية إلا إذا فرزنا كلماتها وترتبناها على نسق خاص لكي تكون شعراً لا نثراً , وهذا النسق هو (تتابع التفاعيل , الوحدات الإيقاعية الضرورية لأي قصيدة) التي تخلق عند لفظها إيقاعاً ونغمات , وليس نغمات فقط.) ولغة الطبيعة هي لغة موسيقية , وبعض لغاتها ــ موسيقية إيقاعية ــ مثل هديل الحمام , فليس كل نغمات الموسيقى إيقاعية , ولكن كل النغمات الإيقاعية موسيقية ,)))).
ويقول الأستاذ معين:
الأوائل
الأوائل في الشعر غير معروفين. نحن ندرك بدافع قانون السببية في تراجعه الإستطرادي نحو السبب الأول، أن هناك في فجر الحضارة العربية من استطاع أن يخلق نغمة بحر الطويل مثلاِ حين لاءم كلمات لنغمة صدرت منه بالفطرة:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وبالطبع كان هذا قبل آن يخترع الفراهيدي البحور والتفعيلا ت، ولهذا فقد يكون أول من اخترع نغمة الطويل مجرد مهرج أو قرندس أراد أن يعيير صذيقه وصحبه فراح يقفز مصفقاً منشداً
هبيل مهابيل هبيل مهابيل
هبيل مهابيل هبيل مهابيل
ولعل نغمة الرجز
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
وهذا على سبيل المثال فقط، حين كانت نغمة وقبل أن ترصد بتفعيلة وببحر، أطلقتها عذراء عاشقة كانت تناجي حبيبها بكلام ساذج لا قيمة فنية له، كهذا الكلام (ثانية، هذا على سبيل المثال:
يا حبيبي يا اشتياقي واشتهائي
ملء قلبي يا ملاكي يا حياتي
¥