المتابع للشعر النبطي أو "الشعبي" كما يسمّى في غالبية المجلاّت المعنية به، سوف يستنتج أن هذا الشعر بدأ يفرض حضوره الواسع مع انتشار الصحافة اليومية، نظراً لأنه من حيث الأساس كان معبّراً عن الحياة اليومية للبدوي: عشقاً ومديحاً وفخراً ورثاء وغير ذلك، بمعنى أنه كان ومازال ثقافة مفكّراً بها باللغة ذاتها، وكمرجعية فنية وعاطفية في آن. وبالتالي فإنه لا يمكن تصنيف أغراض هذا الشعر وفقاً لتقسيمة الفصحى المعروفة فقط، وإنما أيضاً في كلّ ما يعبّر عن الحياة اليومية من أمور بسيطة أو معقّدة، ولكنه إلى ذلك لم يخرج من فضاء ثقافة الذكورة التي تنظر إلى العالم من خلال مجموعة من القيم والتقاليد لا ينبغي تجاوزها، وبذلك فإن حركة الشعر سوف تراوح طويلاً في ذات الأطر البنائية التقليدية من حيث المضمون واللغة والصورة البلاغية والموسيقا.
ويمكننا في هذه العجالة التوقّف عند شعر الغزل، باعتباره الشعر الأكثر شعبية ورواجاً في الوسط الاجتماعي، لتبيّن توجّهاته العامة وممكنات تطوّره في بلدان الخليج العربية، وقد لحظنا أنه بالرغم من الحداثة التي دفعت بالانفتاح إلى أقصى ممكناته في بعض هذه البلدان، إلاّ أن شعر الغزل، لا يعكس هذا الانفتاح في العلاقات الاجتماعية سواء كتبه الرجل أو المرأة، وسيبقى أسيراً للتراث الذكوري المعبّر عما يبتغيه الذكر الفحل من المرأة من خصال يأتي في مقدّمتها أصالة النسب والخفر والعفّة، وإلى ذلك فإنه لن يهتم بمستواها العلمي أو حضورها الثقافي أو الفكري في العموم، والمتتبع سيلاحظ أن قصائد الغزل، شأنها شأن شقيقاتها في الفصحى، سوف تذهب في وجهتين مختلفتين:
1 الغزل الحسّي، الذي يركّز في قصائده على وصف جمال المحبوبة وعلى نحو خاص: الشعر والعينين والقد الممتشق والروائح وربّما إلى بعض التفاصيل الأخرى والتي قد تختلف من بلد إلى آخر بحسب التقاليد المرعية. بينما البنية التعبيرية الجمالية سوف تتجه لإقامة التشابه مع مفردات وكائنات الطبيعة البدوية أو البحرية.
2 الغزل العفيف، المعبّر عنه بقصائد العتاب والشكوى من الحرمان والأشواق إلى الوصال، مما يدفع للاعتقاد بأن الحياة في شبه الجزيرة العربية ما زالت تعيش زمن المضارب الأولى، حيث الآباء والرقباء ودورهم المؤثّر في التفريق بين الحبيبين، بينما الواقع يشير إلى عكس ذلك كلّياً من حيث ممكنات الاتصال والتحادث عبر الهاتف النقال والإنترنت بل حتى اللقاء في الأسواق والمقاهي وغير ذلك.
وربّما ساهمت الأغنية الخليجية في تكريس هذه القيم أو في تطوير شعر الغزل بما يلائم تطلّعاتها في التوزيع والانتشار، ولعل المتابع يشعر أن هذه الكثرة من الشعراء إنما تسعى لتكريس ذاتها الشعرية عبر الأغنية باعتبارها الوسيلة الأكثر انتشاراً، ولكن هذا الزخم الكتابي، سوف يظلم أصحاب الاتجاهات التطويرية للقصيدة الشعبية، وخاصة لدى الشباب المتعلّم الذي رأى أنه يمتلك خزاناً رمزياً يمكن تفعيله دائماً بما ينسجم والتطوّر الإنساني، بمعنى أنه طالما كنا نكتب الشعر فمن الأفضل أن يكون في قلب ثقافة العالم وليس على هامشه.
والله الموفق
إذا وجدت أسباب موثقة أدرجتها لكِ، ولكن زهرة هل المجال مفتوحا لكي نقول مثلا رأينا نحن في الأسباب؟!
ودمت ِ موفقة ومسددة
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[19 - 10 - 2010, 12:04 ص]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:
مقالة أخرى لكاتبة
الشعر الفصيح يبحث عن وجوده!!!
حتى أكتب في هذا الموضوع كان لابد من معرفة رأي الشارع , لابد من معرفة ذوق الجماهير في سماع الشعر , لهذا اكتفيت بقراءة بعض المقالات من الشبكة العنكبوتية ورأي بعض الأقلام في الشعر الفصيح والشعر النبطي ...
¥