تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فما زالت الأقلام بين مد وجزر في التعاطي بين الشعر الفصيح والشعر النبطي والبعض ينظر إلى أن الشعر النبطي قد اعتلى الشهرة على حساب الشعر الفصيح وأن الشعر النبطي ظهر في عصر غابت مكانة اللغة العربية في قلوب الجماهير , وبالمقابل فأن البعض ينظر إلى أن الشعر الفصيح لم تعد له تلك الأصداء القوية بسبب رداءة ما يُكتب وصعوبة المفردات التي تحتاج إلى المعجم الوسيط حتى تفهم معانيها أو ربما يرى البعض أن رومانسية الشعر النبطي أجمل من رومانسية الشعر الفصيح لهذا يكون الإقبال عليه اكبر من الجنسين ومن جميع الفئات العمرية الصغيرة والكبيرة.

أن ما نراه في الساحة الشعرية عموما يجعلنا ندرك مدى تفوق الشعر النبطي على الشعر الفصيح وأن الاهتمام بالشعر النبطي بات اهتماما قويا فلا تخلو مناسبة إلا يكون فيها الشعر النبطي حاضرا بقوة فكأن الدنيا تفتح أبوابها للشعر النبطي في كل المجالات وهذا ما نراه من بعض القنوات الفضائية التي سلطت اهتمامها فقط للشعر النبطي والترويج له فلم يعد يخفي على أحد تلك القنوات الفضائية التي تبث الشعر النبطي من أفواه الشعراء وأصبح أيضا إنتاج قصائد مصورة لهم ولقاءات لا تنتهي مع هؤلاء الشعراء حتى أصبحنا نجهل هل هناك وجود لشعراء يكتبون الفصيح أم أن الشعر الفصيح قد انقرض وبات شعراؤه في زاوية مجهولة لا أحد يدري عنها أو ربما غيبتها أضواء الشهرة؟؟!! ...

قلنا ربما سوف نجد الفصيح بين صفحات المجلات أو الصحف ولكن ما زال جواد الشعر النبطي سريعا فهو يحتل الجانب الأكبر من الإعلام المكتوب أيضا وله جمهور لا يستهان به حتى المواهب الشابة الجديدة في عالم الشعر باتت تسلك طريق الشعر النبطي حتى تمهد لنفسها طريق الشهرة بأسرع وقت ممكن ...

ربما تمكن الشعر النبطي من أن يستعمر العقول والقلوب فكراسي أمسياته لا تخلو أبدا وقد يتطلب البعض الجلوس على الأرض بعكس الشعر الفصيح الذي يظن البعض أنه يجلب السأم والملل للجمهور فرواده قلة!!! وأسماء أهل الشعر النبطي أصبحت تردد على كل فاه وتسمع قصائدهم كنغمات رنين لجوالات المراهقين ...

لنتساءل كيف تمكن الشعر النبطي أن يصل إلى هذا المستوى العالي من الشهرة وهذه الحوزة الواسعة في قلوب الجماهير ... رغم أن الشعر النبطي لم يكن يوما ما في نصوص المنهج الدراسي للغة العربية ولم ينال دراسة نقدية كتلك التي نالها الشعر الفصيح؟! وما تعودنا أن نحفظ قصائد بالشعر النبطي فكان الاهتمام الأكبر للشعر الفصيح فقط وما عرفنا شعرا غيره وكما قال أحدهم: الكتابة بالعامية أو النبطي يضعف لغة المتعلم ويهدم ما تعلمه في سنوات الدراسة.

وهذا يجرنا إلى تساؤل مهم جدا هل يكتب البعض النبطي لأنه من قلب البيئة البدوية ولا يحتاج إلى ذاك العناء والجهد الكبير كالذي يحتاجه الشعر الفصيح من قوة في اللغة والضبط والبحر والقافية والموسيقى والألفاظ والصور الفنية؟! هل الشعر النبطي يحرر الشاعر من تلك القيود إضافة أن أغلب مستلزمات الشعر النبطي هي من البيئة البدوية؟! أضف على ذلك فالشاعر النبطي يكتب الشعر حسب اللهجة فلا يحتاج إلى دراسة ومعرفة ; فقط وزن وقافية وهذا يتأتى له بالموسيقى الشعرية التي يستخدمها في القصيدة.

تساؤلات تجر تساؤلات ربما ظلم الشعر الفصيح في الشهرة فلا شيء يروج له وكأنه بات يغرد خارج السرب وحيدا ينزف جروحه ببطء المسافر الذي يتردد في الرحيل فمن وسائل نشر الشعر النبطي أيضا الأغاني التي يصدح بها بعض المطربين الذين ربما لا يستسيغون الشعر الفصيح أو لا يفهمونه لهذا يفضلون الشعر النبطي مما جعل هذا في نصيب شهرة الشعر النبطي وبالتالي يزداد كتّابه ... ويكون الإقبال عليه أكبر

لا أريد هنا أن أشعل حربا بين الشعر الفصيح والشعر النبطي ربما أحيانا قد يكون هناك تقصير من جانب شعراء الفصيح وكسل أقلامهم وغفوة أرواحهم عن كتابة الشعر مما أدى إلى تفوق الشعر النبطي ... لهذا لا يعني تفوق النبطي على الفصيح هي رداءة الفصيح أبدا وكما قال أحد الكتاب:" وقد تفوق الفصيح على الشعر العامي في النطق والكتابة، والعامي من الصعب أن تقرأه مكتوبا؛ فالفصيح يسير وفق أنظمة وظيفية صوتية وصرفية ونحوية محددة ومنضبطة منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة، وهذا بلا شك يتعذر في الشعر العامي أو النبطي المتغير بتغير المجتمع في زمانه ومكانه."

أختم موضوعي هذا بتساؤل على لسان الشعر الفصيح هل سيجد مكانه في هذا العصر الذي بات يهوى الشعر النبطي؟! ربما على الشعر الفصيح أن يجدد نشاطه ويثبت وجوده في الساحة الشعرية وحتما سيجد زاوية له بعد هذا الغياب الواضح فإذا كان الشعر النبطي ميراث البادية!! فالشعر الفصيح هو ميراث ثقافة عربية قديمة بل أمة بأكملها تحمل لسان الضاد بين جنباتها .... وربما نصل في النهاية إلى أن المسألة هي مسألة أذواق وثقافة قلوب إلى أي نوع من الشعر تميل أن تسمع ...

والله الموفق

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير