(كان محمد أركون حدثا فكريا في كل مشاركاته في دورات ملتقى الفكر الإسلامي الذي كان ينظمه المرحوم مولود قاسم بالجزائر، كانت نقاشاته مع الشيخ الغزالي إشارة فارقة للاختلاف بين فكرين يعيشان داخل مجتمع واحد ويدرسان متنا واحدا، لقد كفر الشيخ الغزالي محمد أركون وهو ما يؤكد قصور الفكر الديني) [صحيفة الفجر الجزائرية، 15سبتمبر2010]
وكان الشيخ يوسف القرضاوي ينشر في صحيفة الخبر الجزائرية سلسلة مذكرات له، وفي أحد تلك الحلقات قال عن أركون أنه لايؤمن بالشريعة الإسلامية، فثارت ثائرة الكتاب العلمانيين في الجزائر، فتحت عنوان (القرضاوي يكفِّر أركون) كتبت صحيفة الفجر الجزائرية:
(جزم الدكتور يوسف القرضاوي، في مذكراته التي تنشرها يومية “الخبر” بأن البروفيسور محمد أركون المتخصص في دراسات الفكر الإسلامي، لا يؤمن بالشريعة الإسلامية .. ، القرضاوي يستخف بقامة فكرية بحجم أركون، فيطلق عليه رصاصة الرحمة، متهما إيّاه بالخروج من ملة الإسلام) [الفجر الجزائرية، 15سبتمبر2010].
وفي حادثة أخرى تكلم الشيخ القرضاوي عن معاداة أركون للنصوص الشرعية فقال:
(هناك صنف آخر يقفون ضد النصّوص بدعوى أخرى، يعني هم ضد المقاصد، يقولون إن دعاة الشريعة يستخدمون المقاصد حيلة لتطبيق الشريعة؛ وهذه المدرسة الأركونية، محمد أركون والجماعة الذين يعيشون في فرنسا ويعتمدون على اللسانيات وعلى غيرها) [الموقع الرسمي للقرضاوي]
-خلاصات أخيرة:
بعد هذه الجولة حول كتابات أركون فإنني أتألم كثيراً من ضحايا الدعاية الإعلامية، فحين أرى شباناً وفتياناً صغاراً يتحدثون أو يكتبون، ويتناقشون طويلاً، ويرددون عبارات من نوع: (قراءة في مشروع أركون)، و (دراسة تحليلية في خطاب أركون)، (مفهوم كذا عند أركون)، و أركون يرى وأركون لا يرى، .. الخ الخ فوالله إنه لتهبط علي غيوم الغبن والرثاء كيف استطاع الاعلام التغريبي أن يخدع هؤلاء المساكين ويضيعون أعمارهم العلمية الثمينة في دردشات “يجب أن نبحث” و “مصحف البحر الميت”؟!
أو يأتيك بعض المخدوعين يقول “نحتاج دراسات فكرية معمقة عن أركون وعن فلان وفلان” .. ووالله لا نحتاج دراسات فكرية عنهم ولا غيره، بل نحتاج فقط أن نوضح للقارئ المسلم الدجل الفكري الذي يمارسه هؤلاء، وحجم الجهل الفظيع عندهم سواءً بالعلوم الإنسانية المعاصرة أو بالتراث الإسلامي، لكي لا تتصرم الفترة الذهبية للتحصيل العلمي عند الشباب المسلم في ملاحقة هلوسات فكرية يكتبها بعض المرتزقة.
إذا كنا سنعتبر دردشات صاحب (مصحف البحر الميت) و كتابات (يجب أن نبحث)؛ أبحاثاً فكرية تستحق الدراسة والمناقشة والتحليل؛ فهذه بحد ذاتها مشاركة في صناعة الوهم، ياجماعة افتحوا عقولكم والله لا مشروع ولا خطاب ولا غيره .. ليس إلا متملق يتزلف أسياده الفرنسيين ليضعوه في مناصب أكاديمية ويمولونه مالياً باعتباره مهندس العلاقة مع الباحثين الذين سيقنعون المسلمين بالتبعية لفرنسا!
لو كان لي من أمر الدعوة الإسلامية شيئاً لأوصيت جميع الدعاة بتكثيف الكلام عن أهمية استعمال (العقل)، لم ينخدع شبابنا بجهلة الفرنكفونيين إلا بسبب ضعف استعمال العقل .. ولا يبتعد الشاب عن القرآن وينهمك في هذه الترهات الفكرية إلا بسبب ضعف استعمال العقل .. ولا يستسلم الإنسان للشهوات برغم عاقبتها إلا بسبب ضعف استعمال العقل لحظة الخطيئة .. ولذلك لا عجب أن كرر القرآن وأعاد وأبدى لمبدأ (أفلا يعقلون) ..
أخي الغالي على نفسي، يا من لازلتَ تستعمل الدهشة في التعامل مع أمثال هذه الكتابات الفكرية، أرجوك “حرك عقلك” قليلاً، وستكتشف أن هذه الترهات لا تستحق منك الدهشة بتاتاً، فلا تضيع عمرك العلمي الثمين.
لا شك أن المشهد مؤلم جداً، رجلٌ يهين القرآن، ويدعي أنه محرف وأن الصحابة لم يكونوا أمناء في نقله، وأننا نحتاج مخطوطات في البحر الميت وخزائن الرافضة في الهند واليمن لنصل للنص الصحيح للقرآن، ثم بعد ذلك، بعد ذلك كله، يكرّم في صحافتنا، ويقدم باعتباره المجدد الأكبر، من يجاهد لبث النور ومكافحة الظلام، أحد حكماء الإسلام الكبار، المشعل الحقيقي، الهامة الفكرية، الخ.
ثم يقولون لك بعد ذلك، وبكل براءة ومسكنة: ليس هناك أي تغريب، سبحان الله أين التغريب؟! إنما هو تنمية وتطوير!
بل أتدري ما هو أكثر إيلاماً من ذلك؟ تفضل اقرأ هذا الخبر من صحيفة الجزيرة السعودية:
(تحتفي “الاثنينة” بدار الأستاذ عبدالمقصود خوجة في جدة مساء يوم الاثنين 25/ 12/1427هـ بالأستاذ الدكتور محمد أركون، المفكر الإسلامي المعروف والبروفيسور الفخري بجامعة السوربون بباريس، وذلك تكريماً له ولمشواره العلمي والعملي، وإسهاماً في توثيق تلك المسيرة الطويلة ضمن فعاليات “الاثنينة”) [الجزيرة، 11يناير2007].
رجل يعلن الحرب على القرآن يكرم بأموال سعودية، وفي محفل عام، على جزيرة الإسلام ..
معركتنا مع الإعلام التغريبي ليست معركة حول مسائل اجتهادية، بل هي معركة حول القرآن والسنة ذاتهما، فتارة يصرحون بتعظيم من يهينهما، وتارة يغمغمون ويتدثرون بالخلاف الفقهي، أو يستأجرون أي منتسب للدين من اصقاع العالم، حتى لو كان موظف إداري في جامع الزيتونة؛ لكي يقدم فتوى تناسب أي قرار تغريبي يطبخ في مكانٍ ما.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(أفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الرعد، 19].
المصدر:حكمة ( http://www.hekmah.org/portal/?awesm=fbshare.me_AUVOE&p=1268)
¥