وهذا الصنف من الكتبة لايهمهم ما تؤول إليه تلك الحلقات , وربما بعضهم لايعرف شيئاً عنها , ولكنه كتب ليُرى مكانه , وبعضهم يكفيه أن يبقى كاتباً في صحيفة , أو أن يشيد ذلك المسؤول بمقاله , أو أن يهاتفه مدير مكتبه فيشكره ويثني عليه , ولايهمه أن يكون خصمه حفظة كتاب الله , لأنه لايعلم أين تقع المشكلة , كما لايهمه عقل القارىء وفكره , ولهذا فهو آخرمن يحظى باحترامه , حيث يمرر عليه الأكاذيب , ويشوِّه أمامه الحقائق , وينتقص عنده أهل الفضل والصدق , ويزيد في استخفافه بعقل القارىء أن يُشهِد الله على قوله الكاذب.
3 – مخدوع يردد أموراً عفا عليها الزمن , ويتغنى بآراء ينصرها ليس لموافقتها للحق , بل لأنه تلقفها عمَّن استحوذ رأيه على قلبه وسمعه وبصره , وأعني بهذا الصنف من يردد بغباء أن هذه الحِلَق مما يُفرخ التطرف والإرهاب , أو أنها مما استحوذ عليه فكر الإخوان , أو غير ذلك , وهؤلاء ممن أثبت الواقع أنهم أجهل الناس بما يرددون , وأبعد الناس عن فهم الأمور , وأكثر الناس تناقضاً واضطراباً , وإلا فكيف يصحُّ أن ننسب هذه الحلقات للتطرف والإرهاب وهي تحظى بدعم الدولة ورعايتها , ومنها تخرج العلماء الذين هم أبرز من حارب التطرف والغلو والإرهاب , وأما نسبة هذه الحلق للفكر الإخواني فلست أدري هل كان الإخوان من أتباع البنا وغيره موجودين في القرون الأولى , وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين يقرؤون كتاب الله ويتدارسونه بينهم , طمعاً في أن تتنزل عليهم السكينة , وتغشاهم الرحمة , ويذكرهم الله عنده , ممن تخرَّج من مدرسة الإخوان المسلمين , أو أن أصحاب هذه الأفكار التهويلية الاتهامية التصنيفية , التي لاوجود لها إلا في مخيلتهم , ممن يجهلون واقع الأمور , وإن كان سبب ذلك الاتهام ماقد يصاحب التحفيظ من أنشطة تحفيزية , أو رحلات ونحوها , فإن هذا يدل على سطحية التفكير , وضعف الاستدلال , كما يدل على أن القاعدة لديهم هي سوء الظن , ووجود بعض الأخطاء ليس كافياً لإثبات القاعدة , فضلاً عن جعلها هي الأصل , فالأخطاء تكون من بعض المسلمين في صلاته , وفي طوافه في البيت , وفي كثير من العبادات , وتقع من الناس في كثير من أمور حياتهم , فهل يصح أن نجعلها أصلاً وقاعدة؟.
4 – من يختلف مع بعض من استنكر قرار التعطيل , ولذلك فهو يريد أن يصفي حساباته معه , أو يستفيد من كون صاحب القرار وجيهاً للتحريش , أو ليمنح نفسه صفة لاتليق به ولا بأمثاله ممن لم يكفه أن كان شيطاناً أخرساً , حتى سارع ليكون شيطاناً ناطقاً , وإلا فكتاب الله ونصرته ليست ميداناً لتصفية الحسابات الشخصية , ولا لتحقيق المكتسبات الذاتية.
5 – من لم يتضح له الأمر بصورته الحقيقية , وظنَّ أن الأمر لايعدو أن يكون تطبيقاً للنظام , وضبطاً للأمور , وهذا ملوم في كونه لم يسأل من يوثق به , وإنما بنى تصوراته على أخبار الكذبة والمغالطين , وفي مثل هذه القضايا الخطيرة يجب أن يتحرى المسلم الدقة , وأن يكون بعيداً عن أراجيف مبتغي الفتنة وجنود الشيطان من الإعلاميين وغيرهم.
هذه بعض حالات هؤلاء الكتاب , وإن كان بعض من كتب وسيكتب قد يجمع أكثر من حال في آن واحد , ولو أدرك الناس أن من انبرى للدفاع عن حلقات التحفيظ ثأر لكتاب ربه , وأن أولئك الكذبة الكتبة لم يثأروا لله , لأنه كيف يكون أمرهم كذلك وهم يساهمون في إطالة أمد حرمان تعليم الناشئة وغيرهم من المسلمين كتاب الله العظيم.
بل إنني أقسم غير حانث أن من كتبوا مستنكرين أرحم بالأخ خالدالفيصل وغيره من المسؤولين من هؤلاء الذين لاشأن لهم إلا التطبيل على الرائحة والغادية , وهم يكتبون وأمام أعينهم ما يتمنونه من حطام زائف , ولا يستشعرون أن من الدين النصيحة , فكيف إذا كانوا يدركون أن ما يقولونه مما يردي صاحبه ويوبقه ومع هذا فهم يزينونه له ويحسِّنونه , فيصعب عليه بعد ذلك مراجعته نفسه واستدراكها , كما إنهم لايقدِّرون عواقب الأمور , ويرون غايتهم في التحريش , ولعل من أوضح هذه الدلائل استهجان أحد السُّذج على الشيخ ناصر العمر حفظه الله حين أشار الشيخ إلى أن تعليم القرآن لم يتعطَّل في الحرم إلا ثلاث مرَّات , فجاء مشاغباً له بصفاقة وحمق ليُقوِّله مالايلزم من قوله , مع أن الشيخ حفظه الله لم يزد عن حكاية واقع الحال , وكون ذلك الكاتب
¥