ونري في هذا الوضع أن الشريعة الإسلامية تعتبر كمصدر إلزامي من الدرجة الثالثة، وذلك لأن المصادر الرسمية للقانون المصري، والمصادر الرسمية هي التي يستمد منها القانون إلزامه هي:
1 - التشريع الوضعي. 2 - العرف.
3 - مبادئ الشريعة الإسلامية.4 - مبادئ القانون الطبيعي.
5 - قواعد العدالة.
(وليست هذه المصادر على درجة واحدة من الأهمية،فالتشريع هو المصدر الأساسي السابق في أهميته، في حين أن المصادر الأخرى لا تعدو أن تكون مصادر ثانوية احتياطية لا يلجأ إليها إلا إذا سكت التشريع عن حكم النزاع). (7)
*والمادة الأولي من القانون المدني تقول "تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو فحواها، فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه،حَكَم القاضي بمقتضي العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يوجد فبمقتضى القانون الطبيعي وقواعد العدالة ".
وبالتالي لا تكون لمبادئ الشريعة الإسلامية أي دور أصلاً وذلك أن التشريع في الدول الحديثة يكاد يستوعب كل شئ،وإذا وُجد مجال يحتمل أن تقوم فيه بعض التغيرات، فإن العرف من وراء التشريع محيط به في شبه شمول،ولا يبقي لمبادئ الشريعة الإسلامية إلا النزر اليسير، وهذا كلام الدكتور توفيق فرج أحد رجال القانون في مصر، وبالتالي فإن القاضي يحرم عليه الرجوع إلى الشريعة الإسلامية التي ألزم الله سبحانه وتعالى الجميع الاحتكام أو التحاكم إليها مادام الحكم منصوصاً عليه في القانون المدني،وحتى لا أذهب بعيداً، لقد حدث بالفعل أن حكم قاضى وهو المستشار محمود عبد الحميد غراب بالجلد في جريمة سكر .... فماذا كانت النتيجة؟
لقد أبطل حُكمه وأقصي عن العمل في القضاء.
وكان ممن ذكره رئيس محكمة استئناف الإسكندرية المستشار سعد العيسوي في أوجه بطلان هذا الحكم ما يلي:-
1 - أن من قضي بذلك فقد حنث في يمنيه القضائي الذي أقسم فيه على الحكم بالعدل واحترام القوانين والعدل في نظر العيسوي هو أنت تقضي في الواقعة المعروضة بالعقوبة الملائمة في حدود القانون المطبق ثم يضيف فيقول: فقضاء هذه المحكمة بقانون آخر غير القوانين المطبقة في ذلك حنث باليمين،فما بالك بمن يطبق أو يخترع قانوناً يعلم أنه غير معمول به!! (يقصد الحكم بما أنزل الله في الواقعة).
-2وجنائياً لا يجوز ولا يقبل من القاضي أن يجّرم فعلاً لا ينص القانون على اعتباره جريمة ولا يجوز ولا يقبل منه أن يقضي بعقوبة لم ينص عليها القانون.
3 - أن مصدر هذا الحكم لم يعرف شيئاً عن علم العقاب،فقد شدد المشرّع (الوضعي) في العقوبة وجعلها ستة أشهر حماية للمجتمع وهذا أحفظ من مجرد الجلد ثمانين جلدة. (8).
وهكذا فالعلمانية تري وفقهاء القانون الوضعي يرون أن التشريع الوضعي أحفظ لأمن المجتمع من الشريعة الإسلامية، ويرون أن الله عز وجل (الذي خلق فسوي والذي قدر فهدى) لا يعرف شيئاً عن علم العقاب تعالي الله عما يقول الكافرون علّواً كبيراً، فهم يقولون بلسان حالهم أن زبالة أذهانهم خير وأفضل من حكم الله.
*والآن نأتي إلى سؤال آخر ننهي به هذا الجزء من البحث وهو:-
ما هو دورنا،وما هي رسالتنا؟
-إن رسالتنا هي تصحيح المفاهيم وتصحيح التصورات العقدية، وتربية قاعدة مسلمة على هذه المفاهيم الصحيحة والتي تكون ستاراً يتنزل عليها قدر الله بالنصر والتمكين، مع تحديث النفس دائماً بالغزو وكشف مخططات الأعداء وفضحها،وأن نعمل ليل نهار كل على حسبه وفى مجاله لإحياء هذه الأمة مرة أخري لتتسلم مكانتها الريادية، وعدم ترك ما يطلق عليه عوام الناس فريسة سهلة لدهاقنة العلمانية، يلبسوا عليهم ما أردوا من التلبيس،ولا نكون نحن بحركتنا لنصرة هذا الدين مصدر للالتباس وعدم الوضوح، وان يعرف الجميع أن معني انتمائه للإسلام (أن يقبل شرع الله ويرفض ما سواه).
-أسال الله بكرمه وفضله أن يعفو عن تقصيرنا وأن يرحمنا برحمة من عنده،وأن يثبتنا على الحق ولا يجعلنا نزيغ عنه أبداً، أنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
المراجع
1 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي رحمه الله الموسوعة الاليكترونية.
2 - المصدر السابق، وانظر الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية لعابد السفياني.
3 - مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي رحمه الله طبعة دار ابن تيمية.
¥