تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [45 - 53]

فهذه النتيجة التي انتهى إليها قوم صالح بعد دعوته لهم .. هي نتيجة كل الرسالات وهي أيضًا الواقع الذي ستختم عليه الدابة فلا يتغير بعدها أبدًا: «فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ وَتَخْتِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتَمِ، حَتَّى حتى إن أهل الحواء ليجتمعون فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر».

والمناسبة بين ثمود والدابة هي الناقة التي تتجانس في طبيعتها مع الدابة؛ حيث إن الآيتين كانتا بالتولد من الأرض.

وفي هذه المناسبة يقول الألوسي: «وفي تقييد إخراجها -أي الدابة- بقوله سبحانه: {مّنَ الأرض} نوع إشارة -على ما قيل- إلى أن خلقها ليس بطريق التوالد؛ بل هو بطريق التولد» ([14]).

قال القرطبي: «أولى الأقوال للعلماء في صفة الدابة: أنها فصيل ناقة صالحوهو أصحها، والله أعلم». واستدل بحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة، وفيه: ... «ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة -خيرها وأكرمها على الله- المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام ... » ووجه الدلالة من هذا الحديث قوله: وهي ترغو، والرغاء للإبل ([15]).

ثم يأتي ذكر قوم لوط:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [54 - 58]

والمناسبة بين ذكر نبي الله لوط والدابة هي خرجة الدابة من «سدوم» مكان قوم لوط؛ وذلك كما ورد في القرطبي وابن كثير: «وتخرج من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها ... » رواه ابن أبي حاتم ([16]).

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم:

وهو الوارد في قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [91].

ومن مجمل أقوال العلماء تحدد في خروج الدابة ثلاثة مواضع: هي: أقصى اليمن، وسدوم ([17])، ومكة.

وإن كان ذكر معجزات الأنبياء ومعجزات الدابة -قبل آخر الزمان- مرتبط بمن يراها في زمن الأنبياء ومن يراها في زمن الدابة؛ فالآيات الباقية لكل البشر في كل زمان ومكان منذ خلق آدم حتى قيام الساعة هي الرسالات والنبوات التي تقوم بها حجة الله على جميع الخلائق، وهي–أيضا- الآيات الكونية في السماء والأرض، ومن هنا اجتمعت هذه الآيات في سياق واحد يرتكز بصورة واضحة على الأرض؛ ليكون ذلك هو المناسبة بين السياق والدابة باعتبارها أعظم آيات الأرض:

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [59]

وتلك هي الحجة الشرعية وهم الأنبياء والمرسلون .. يأتي بعدها الحجة الكونية:

{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [60].

فتبدأ الآية بالسموات والأرض ولكنها لا تنتهي من ذكر السماء إلا وقد وجهتنا إلى «الأرض»:

{أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير