تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [61 - 64].

والسؤال المتكرر في السياق معناه: إثبات أن الله وحده –سبحانه- هو المتصرف في الخلق وهو نفس المعنى المأخوذ من النص الوارد في الدابة، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الدابة لها ثلاث خرجات من الدهر»؛ لأن الدهر هو الدليل على خضوع الزمان وأحداث الزمان لإرادة الله عز وجل، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «قال الله يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار» ([18]). ومن هنا كان النهي عن سب الدهر؛ فإن الأيام والليالي بيد الله عز وجل.

ولكن السياق يختم بما يكون أساسًا لعلامة الدابة باعتبارها من غيب الأرض:

{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [65].

وكذلك باعتبارها دليلا علي الآخرة:

{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} [66].

أي: تتَابع علمهم في الآخرة وتواطأَ حين حَقَّت القيامة وخسروا وبان لهم صدق ما وُعِدُوا حين لا ينفعهم ذلك العلم ([19])، ونفي المنفعة بالعلم يبدأ بخروج الدابة؛ حيث تقول للكافر: يا فلان، الآن تصلي؟! فتقبل عليه فتسمه في وجهه.

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} [67].

فسيخرجون بعد أن يكونوا ترابًا.

هكذا يكون البعث: ينفض جميع ولد آدم عن أنفسهم التراب كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ... وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأول من ينفض التراب عن رأسه ولا فخر» ([20]).

تمامًا كما ستفعل الدابة وتنفض عن رأسها التراب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة -خيرها وأكرمها المسجد الحرام- لم يرعهم إلا وهي قرب ترغو بين الركن والمقام، تنفض عن رأسها التراب» ([21]).

{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [68].

وباعتبار أن المرسلين هم الحجة الشرعية المانعة من الوصول بالبشر لمرحلة الفساد الذي سيكونون عليه عند خروج الدابة- ومن هنا كان توجيههم في مواجهتهم لأعدائهم.

الذين اعتبروا الآخرة من الأساطير حيث أمرهم الله بالسير في الأرض ليستبينوا مصير المجرمين.

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} [69].

وكانت العناية بالمرسلين في تلك المواجهة: فأمر الله رسوله بأن لا يأسى عليهم ولا يضيق بمكرهم

{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [70].

ويواجههم في تساؤلهم عن وعد الله وينذرهم بالساعة وأشراطها:

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} [71، 72]

وهنا يرد في السورة نفس اللفظ الدال على القرب بين الساعة والدابة. والوحدة اللفظية للموقفين تدل على غرض الربط بينهما.

ففي الساعة تقول سورة النمل: ** وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ}

** رَدِفَ لَكُمْ} وراءكم وأنتم لا تدرون، وقريبًا منكم وأنتم لا تشعرون ..

قال ابن عباس {ردِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} أن يكون قرب لكم بعض الذي تستعجلون ([22]).

وبذلك تكون الدابة أقرب تشبيه لقرب الساعة من الإنسان مثلما تكون الدابة ردف الرجل وهو لا يدري كما جاء في الحديث الذي رواه ابن كثير في تفسيره للآية: «حتى إن الرجل ليتعوذ منها في الصلاة فتأتيه من خلفه .. لا ينجو منها هارب» ([23]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير