وانضاف إلى ذلك أنَّه عَلَم، والأَعلام قد يعرض فيها ما لا يوجد في غيرها نحو مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قال الجوهري: حَيْوَة اسم رجل، وإنما لم يدغم كما أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه اسم موضوع لا على وجه الفعل. وحَيَوانٌ: اسم، والقول فيه كالقول في حَيْوَةَ.
والمُحاياةُ: الغِذاء للصبي بما به حَيَاته، وفي المحكم: المُحاياةُ الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته به.
والحَيُّ: الواحد من أَحْياءِ العَربِ. والحَيُّ: البطن من بطون العرب؛ وقوله: وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى
فليس الحَيُّ هنا البطنَ من بطون العرب كما ظنه قوم، وإنما أَراد الشخص الحيّ المسمَّى بكراً أَي بكراً طَعَنَّا، وهو ما تقدم، فحيٌّ هنا مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حتى كأَنه قال: وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فهذا من باب إضافة المسمى إلى نفسه؛ ومنه قول ابن أَحمر: أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ، وقَبْلَ ذاكَ، وعَيْشاً بَعْدَهُ كَلِبَا
وقولهم: إن حَيَّ ليلى لشاعرة، هو من ذلك، يُريدون ليلى، والجمع أَحْياءٌ. الأَزهري: الحَيُّ من أَحْياء العَرب يقع على بَني أَبٍ كَثُروا أَم قَلُّوا، وعلى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ من ذلك قول الشاعر: قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً، ما لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ
وقوله: فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً، وتُلْقي للإماء مِنَ الوَزِيمِ
يعني بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ. والحَيَا، مقصور: الخِصْبُ، والجمع أَحْياء. وقال اللحياني: الحَيَا، مقصورٌ، المَطَر وإذا ثنيت قلت حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الحركة غير لازمة. وقال اللحياني مرَّةً: حَيَّاهم الله بِحَياً، مقصور، أَي أَغاثهم، وقد جاء الحَيَا الذي هو المطر والخصب ممدوداً. وحَيَا الربيعِ: ما تَحْيا به الأَرض من الغَيْث. وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً؛ الحَيَا، مقصور: المَطَر لإحْيائه الأَرضَ، وقيل: الخِصْبُ وما تَحْيا به الأَرضُ والناس. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ ما يَحْيَوْنَ أَي حتى يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب، ويجوز أَن يكون من الحياة لأَن الخصب سبب الحياة. وجاء في حديث عن ابن عباس، رحمه الله، أَنه قال: كان عليٌّ أَميرُ المؤمنين يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ، أَشْبَهَ من القَمر ضَوْءَهُ وبَهاءَهُ ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ ومن الفُراتِ جُودَه وسَخاءَهُ ومن الرَّبيعِ خِصْبَه وحَياءَه. أَبو زيد والتَّحِيَّة: السلام، وقد حَيَّاهُ تحِيَّةً، وحكى اللحياني: حَيَّاك اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن. والتَّحِيَّة: البقاءُ. والتَّحِيَّة: المُلْك؛ وقول زُهَيْر بن جَنابٍ الكَلْبي: ولَكُلُّ ما نَال الفتى قَدْ نِلْتُه إلا التَّحِيَّهْ
قيل: أَراد المُلْك، وقال ابن الأَعرابي: أَراد البَقاءَ لأَنه كان مَلِكاً في قومه؛ قال بن بري: زهيرٌ هذا هو سيّد كَلْبٍ في زمانه، وكان كثير الغارات وعُمِّرَ عُمْراً طويلاً، وهو القائل لما حضرته الوفاة: أبَنِيَّ، إنْ أَهْلِكْ فإنْ نِي قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ
وتَرَكْتُكُمْ أَولادَ سا داتٍ، زِنادُكُمُ وَرِيَّهْ
ولَكُلُّ ما نالَ الفَتى قَدْ نِلْتُه، إلاّ التَّحِيَّهْ
قال: والمعروف بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء لا بمعنى الملك.
قال سيبويه: تَحِيَّة تَفْعِلَة، والهاء لازمة، والمضاعف من الياء قليل لأَن الياء قد تثقل وحدها لاماً، فإذا كان قبلها ياءٌ كان أَثقل لها. قال أَبو عبيد: والتَّحِيَّةُ في غير هذا السلامُ. الأَزهري: قال الليث في قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله، قال: معناه البَقاءُ لله، ويقال: المُلْك لله، وقيل: أَراد بها السلام. يقال: حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك.
والتَّحِيَّة: تَفْعِلَةٌ من الحياة، وإنما أُدغمت لاجتماع الأَمثال، والهاء لازمة لها والتاء زائدة. وقولهم: حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ بالمُلْك، وقيل: أَضْحَكَكَ، وقال الفراء: حَيَّكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ.
¥