تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اكتسب شيخنا هذا الخلق من شيخه (أبي الخير الميداني) صاحب السر والمعاني واقتبسه منه اقتباساً لا يماثل في الدنيا أبداً

يزداد الكتاب قيمة ويبقى في زهاوته ورونقه إذا تم الحفاظ عليه فإذا طالعه المطالع وقرأ فيه يداعبه بين يديه بعناية، ويفتح صفحاته ويقلبها برعاية فيبقى محافظاً على جدته وروعته، وإذا أمسكت كتاباً من نفحة أزهار مكتبة شيخنا لوجدت وكأن الكتاب حديث العهد وجديد الطباعة، لم تؤثر عليه الأيدي مطلقاً، ومرد هذا أن شيخنا رحمه الله تعالى له صورة رائعة وطريقة غريبة في فتح الكتاب وتقليب صفحاته وإغلاقه حفاظاً من طي ورقاته حيث كان يمسح بأصبعيه السبابة والإبهام من رأس الصفحة إلى أسفلها فيلامس إبهامه آخرها فيأخذ به الصفحة ويقلبها بتؤدة وذلك حتى لا يعرض ورقة الصفحة إلى تكسر وخطر فلا تكاد تسمع صوتها عند تقلبها، ولا يثنيها إذا ماانتهى من التلاوة والقراءة، بل يضع علامة رقيقة لذلك، ثم يغلقه بأدب رفيع ودقة متناهية. ولا يجعل على أصابع يده ريقا ًكما يحصل مع بعضهم وهذه عادة من طلاب العلم سيئة لا ينتبهون لها. كما أنه يقدّر الكتاب ويجله فلا يضعه أرضاً أو يضع شيئاً فوقه من حوائج وغيرها. ولا يكتب على هوامشه كما هو المعتاد عند طلبة العلم، بل إن أراد ذكر فائدة على حاشيته، أو قصد تلخيص فائدة لها صلة بالموضوع في الكتاب أخذ ورقة صغيرة وأضاف ما يريد أضافته، أو يذكر ما يريد تذكره ثم ضمها إلى الموضوع المناسب. ولا يضعه أرضاً كما ذكرنا وذلك تأدباً ومهابة وتعظيماً

أما عن تنظيم المكتبة فقد أوتي إبداعاً غريباً عجيباً وطريقة مثالية رائعة حيث ألِفَ علم المكتبات بالبديهة توفيقاً، ورقم الكتاب على العلوم سجية وأَلفَ بين المجلدات على نسق فريد مميز. فقد فهرسها حتى فاق ابن النديم دقة وتنظيماً. ولو كان حياً لاقتبس منه الدقة والفهرسة والتنظيم لروعة ما أجاد وأبدع، وتظهر فائدة ذلك كله في تسهيل الوصول إلى الكتاب المقصود بطريقة فريدة أمام هذا البحر من الكتب والأسفار. وقد كان له اعتناء ظاهر في التنسيق والترتيب حيث حافظ على ألوان المجلدات والمسانيد مع رعاية الأحجام ودمج المواضيع الواحدة، ليظهر للناظر تناسقها العجيب الغريب. وإذا طلب كتاباً فابتاعه، وأحضر إليه يقلبه بين كفيه ويحمد الله تعالى أن حفظ الله تعالى العلم وأعان على نشره. ويهيب بالحاضرين حمداً، ويعتبر ذلك نعمة عظيمةً ومنةً كبرى، وخاصةً فيما إذا كان الكتاب مفقوداً أو غير موجود وعفا عليه الزمنُ ولم يَبِنْ أثرهُ ثم إذا رآه دُهشَ وأبدى استغراباً مبيناً لعظمة هذا الكتاب وإظهاراً للفرح والبشاشة

حياته العلميّة

وكان الشيخ (بدر الدين) يوصي الشيخ (محمود) أن لا يقرأ درساً على أحد حتى يُعلمه. ومرة ً أراد الشيخ (محمود) أن يقرأ الفقه الحنفي على الشيخ (نجيب كيوان)، فاستأذن الشيخ (بدر الدين) فأطرق الشيخ وراقب على قلبه، ثم رفع رأسه وقال له: سأستدعيه يُقرؤك الفقه هنا في دار الحديث، وأراد أن يقرأ علم الميراث على الشيخ (جميل الشطي) مفتي الحنابله، فاستدعاه الشيخ (بدر الدين) ليُقرأه في دار الحديث، ثم أراد أن يقرأ علم الصرف على أحد أهل العلم لم يسمه لنا سيدنا الشيخ (محمود)، فاستأذن الشيخ (بدر الدين) فأطرق رأسه،وراقب على قلبه، وبعدها رفع رأسه وقال له: لا تقرأ على هذا. فسأله الشيخ (محمود) لِمَ؟ قال: لأنه صاحب بدعة. فقال الشيخ (محمود): أنا آخذ علمه وأترك بدعته. فأراد الشيخ بدر الدين أن يقنعه بدليل عملي ملموس، وكان يوجد بجانب الشيخ (بدر الدين) دائماً مرآة صغيرة، فأعطاها الشيخ (محمود) وقال انظر فيها فماذا ترى في المرآة؟ فقال: صورتي، فقال له: هل صورتك وجدت داخل المرآة باختيارك أم رغماً عنك؟ فأجابه: بل رغماً عني. فقال له: وكذلك الأستاذ مع تلميذه تنطبع بدعته في قلبه رغماً عنه.فما كان من الشيخ (محمود) إلا أن تراجع عن رأيه وقال: يكفيني هذا المثال. {وصية المحدث الأكبر للشيخ (محمود)} كان المحدث الأكبر الشيخ (بدر الدين) يوصي الشيخ (محمود) ويقول له: (يامحمود) لا تترك دار الحديث، قالها له: أكثر من أربعين مرة ولا تسكن القرى، وقال له: لو أن طائراً وقف على جدار يفصل بين القرية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير