[خطبة الشيخ صالح آل طالب بالمسجد الحرام بمكة كانت مؤثرة - كلمات تعين على الثبات -]
ـ[غير مسجل]ــــــــ[21 - 02 - 10, 10:46 ص]ـ
عنوان الخطبة: الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين لفضيلة الشيخ د:صالح آل طالب في المسجد الحرام 5/ 3/1431هـ
الخطبة الأولى:
الحمد لله .. الحمد لله الذي له الجلال والجمال والكمال، له الأسماء الحسنى والصفات العلا وهو الكبير المتعال، أنعم على خلقه بشرعه، وجعل القلوب مخاطبات بوحيه، فمنها ما اطمأنت ومنها التي ولت فولَّاها – سبحانه – ما تولت، ومنها التي دلت ثم زلت فمنه – سبحانه - يُرجى الثباتُ في الحياة وعند النزع وفي القبر بعد الممات.
أحمده – سبحانه – وهو للحمد أهلٌ، وأسأله العفو والصفح وهو ذو المنة والفضل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه – وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد .. فاتقوا الله – تعالى – حق التقوى، وأخلصوا له في السر والنجوى .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (آل عمران102).
حقيقٌ بمن اتقى الله أن يعلم أن يعلم أن لله يوما تُكَعُّ فيه الرجال وتُنسَف فيه الجبال وتترادف الأهوال وتَشهَد الجوارح والأوصال، وتُبلى السرائرُ ويُكشفُ ما في الضمائر؛ فرحم الله من عمل لآخرته ولم تُلْهه الدنيا عن الآخرة الباقية.
أيها المسلمون: لما خلق الله الأرض ودحاها ووضع فيها زينتها وقدَّر فيها أقواتها أسكنها خلقه من الجن والإنس، وحتى يتم نعمته ويقيمَ حجته والى فيهمُ النبواتِ وأنزل فيهم الشرائع وبعث إليهم الرسالات، وجعل الهدى والنور الذي جاء به الأنبياء هو تاجُ نعمه وذروةَ سَنامِ فضله، فلا زينةُ الدنيا ولا ممالكُ الأرض ولا خيراتُ الحياة ولا كنوزُها تَعدِل نعمةَ الهدى والنور الذي جاء به رسل الله من لَدُنْه؛ إذ كيف تساوي هداية السماء بمتاع الأرض؟! وكيف يقايس ما عَاقِبتُه الحسنى وجنةُ الخلد بما مآله الفناءُ والزوال؟!
وجعل الله حملةَ ميراث الأنبياء ومعتنقي شِرْعة السماء هم خيار أهل الأرض في الأرض؛ فهم الذين خالط وحيُ الله شغافَ قلوبهم، واستضاءوا بنور الله في دروبهم، وهم الذين ذلت جوارحهم وانقادت نفوسهم لشرع الله.
عباد الله: ولما كان دينُ الله عزيزاً وشريعته غالية، فإنه لا يستحق حملَها إلا خيارٌ من خيار، فكانت الابتلاءاتُ والمحن تعرض للمؤمنين والأذيةُ والفتن تحيط بالمصدقين حتى لا يبقى على الدين إلا من يستحقه وليعلم الله الذين صدقوا ..
الفتنة والابتلاء سنة جارية في الأولين والآخرين.
بسم الله الرحمن الرحيم: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (العنكبوت 1 - 3).
إن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال، بل هو حقيقة ذات تكاليفَ وأمانةٌ ذات أعباء وجهادٌ يحتاج إلى صبر، والله – تعالى– يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء، ولكنَّ الابتلاءَ يكشف في عالم الواقع ما هو معلومٌ لله – تعالى – فيحاسب الناس على ما يقع من عملهم؛ فهو فضل من الله وعدل وتربيةٌ للمؤمنين وصقل.
والفتن والابتلاءات أنواعٌ وصور: ... وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ... (الأنبياء35)، فمنها السراء والضراء، ومنها الفتنة بانتشار المنكرات وغلبة الأهواء، وكثرة الدعاة على أبواب جهنم وكثرة الاختلاف، وخلط الحق والباطل، ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله ثم لا يملك النصر لنفسه ولا المنعة، ومن الفتنة أن يعيش المؤمن بدينه كالغريب بين الناس .. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: " بَدَأَ الإسْلامُ غرِيبًا، وسَيَعُودُ غرِيباً كَمَا بَدَأ؛ فَطُوْبَى لِلْغُربَاء " .. رواه مسلم.
¥