تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه فقد نبذ علماء الأنثروبولوجيا هذه الفكرة برمتها. أما العلماء الذين استمروا في الإشارة إلى الأجناس البشرية، إنما يفعلون ذلك للتمييز بين التقسيمات الأساسية بين البشر. وخلافاً للمقولات الشائعة حول معنى العرق الذي يخلط بين البيولوجيا والثقافة، يبقى الاستخدام العلمي له محدداً على الصعيد البيولوجي.

لقد سيطرت الدراسات العرقية في ما مضى على حقل الأنثروبولوجيا، لكن العديد من الأنثروبولوجيين كفوا عن تصنيف البشر على صعيد عرقي. وفي الوقت ذاته روج العديد من الكتّاب لفكرة التفوق العرقي، ونقلوا الانطباع أن علماء الأنثروبولوجيا يصادقون على أن تنسب الصفات السايكولوجية إلى الأجناس، لكنهم تجاهلوا حقيقة أن التصنيفات العلمية قد بنيت أساساً على الفروق في الخصائص المادية. كما أنهم ربطوا "رقعأً" إلى الأجناس أسيء تقديمها، فقد تم تقديم هذه الأجناس على أنها مصطلحات عرقية صالحة.

"فالآري" – وهو مصطلح لغوي وليس بيولوجي – هو صاحب الصيت الأسوأ. لقد ميز هتلر بين الآريين وغير الآريين على أساس سجلات وراثية. وتبعاً للنازية، فإن الأجناس الأخرى من غير الآريين كان يتم تحديدهم بخصائص سايكولوجية وجسدية لصيقة بهم.

إن سوء استخدام مصطلح العرق لتبرير سياسات تحسين النسل، وذبح ملايين البشر، عبّأ العلماء للهجوم على مفهوم مصطلح العرق بحد ذاته. وكان في طليعة هؤلاء الأنثربولوجي آشلي مونتاغيو. فقد أوصى مونتاغيو باستبدال مفهوم العرق race بمفهوم "الجماعة الإثنية" Ethnic group، ونصح بأن هذا المفهوم الجديد سيفتح المجال لإعادة التثقيف في ما يتعلق الفروق الجماعية مع إعادة تصحيح المواقف العرقية.

كما أصدرت مجموعة من علماء الاجتماع في عام 1952 كتاباً عن منظمة اليونسكو بعنوان The Statement on Race وقد استفاد الكتاب من توصيات مونتاغيو في وجوب إسقاط مصطلح عرق "واستبداله بمصطلح"جماعة إثنية" وهو مصطلح يميز الجماعات عن بعضها البعض على الصعيد الجسدي.

لقد اشار "الكتاب" إلى أن "العرق" كمصطلح بيولوجي يعطي انطباعاً أن الفروق في الخصائص الثقافية شأن الدين والقومية واللغة والسلوك، هي فروق فطرية وغير قابلة للتغيير. أما مصطلح "الجماعة الإثنية" فيتضمن أن هذه الفروق ليست موروثة، بل مكتسبة. وتم اعتماد مصطلح "الجماعة الإثنية" كمصطلح ملائم للتعبير عما يعنيه البشر عندما يتحدثون عن العرق. فبرأيهم سوف لن تحقق الجهود المبذولة لإبطال استخدام مصطلح العرق، إلا إذا امتنع البشر عن تعريف الشعوب بالمصطلحات البيولوجية.

لكن مشكلة أخرى تظهر هنا في هذا السياق تتصل بالجهود العقلانية التي تسعى لإحداث تغيرات في المفردة (العرق) كوسيلة لوضع حد للأذية والتمييز الناجمين عنها. ويبقى من المغالطات الجسيمة أن نقول بأن الصفات (الدونيّة) التي تضفيها جماعة على جماعة أخرى، تتأصل في جبلة البشر.

وهنا يتم تعبئة البشر بالنزهة العنصرية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ويصبح من السهل التركيز على الفروق على أنها صفات أزلية. إن النزعة العرقية تزدهر، سواء زعم الشعب المضطهِد (بكسر الهاء) أو لم يزعم باختلافه عن ضحاياه.

لكن ولسوء الحظ لم تنجح الجهود المبذولة لتصحيح المفاهيم الجماهيرية حول العرق في التخفيف من المواقف العرقية، ولا استطاعت أن توضح المعاني الحقة للعرق والتمييز العنصري. فالكثير من التشويش المرافق لمعاني "التمييز العرقي" ينبع أساساً من تضارب الآراء المتعلقة بتحديد مفهوم "العرق".

بالرغم من أن الأنثروبولوجيين يشيرون إلى العرق، فهم يقصرون هذه الإشارة على تنوع الاختلافات البشرية الأساسية. وإذا ما سلم المرء بأن هناك العديد من الأعراق ضمن كل تقسيم من التقسيمات الأساسية للبشرية، عندئذ يمكن أن نلبس الممارسات التمييزية للبيض ضد السود والسود ضد السود، قبعة النزعة العنصرية. ولكن ماذا إذا كان هناك فقط ثلاثة أجناس بشرية رئيسية؟

عندما يبدأ السود والبيض والآسيويون التمييز ضد بعضهم البعض، نستطيع القول بوجود

تطبيق محكم للنزعة العنصرية. أما إذا كانت الأجناس غير موجودة، فذلك يستتبع أن النزعة العرقية غير موجودة أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير