والشاهد هو أن مذهب ابن حزم انتشر بعده في المغرب أما جملة ابن العربي الظالمة فسيأتي بيان ما فيها.
فمِن أصحاب ابن حزم الخلص الأوفياء الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح الحميدي الأندلسي صاحب " جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس" وغيرها من المصنفات المفيدة.
وقال عنه أبو عامر العبدري فيما روى عنه الحافظ السلفي: >.
قلت: فرّ الحميدي للمشرق لمّا ضيق على شيخه وشدد على أصحابه فنفع الله تعالى به وعرف فضله رحمه الله تعالى. توفي سنة 488 هـ ودفن ببغداد.
ومنهم - أي الظاهرية - الحافظ أبو عامر محمد بن سعدون العبدري الأندلسي. ولد بقرطبة وسكن بغداد وبها مات سنة 524 هـ.
ومن تلاميذ الحميدي الحافظ المكثر الجوال محمد بن طاهر المقدسي المتوفى سنة 507 هـ.
قلت: تبنت دولة بني عبد المومن المسماة بدولة (الموحدين) بالمغرب الأقصى مذهب الظاهرية وغلت في ذلك فأمر يعقوب المنصور بإحراق كتب الفروع والمعاقبة على وجودها أو الاهتمام بها وكان من علماء ذلك الوقت أبو الخطاب بن دحية وابن عربي الأندلسي وكلاهما كانا على مذهب الظاهرية.
ثم إن هذا المذهب اضمحل شأنه وانقرض إلا في النادر جداً لعدة أسباب سيأتي ذكرها بإيجاز شديد إن شاء الله تعالى.
ومع هذا في زماننا ظهر الاهتمام بآثار ابن حزم ومصنفاته، وأعجب الناس بالعديد من اختياراته. والعديد من أهل الحديث المعاصرين يهتمون بمذهب ابن حزم ويعجبون به.
فممن تأثر به في الغرب آل الصديق الغماريون وخاصة الشريف محمد الزمزمي رحمه الله تعالى.
وفي الجزيرة العربية يوجد علمان في الأدب واللغة والعلم يتظاهران بمذهب ابن حزم هما أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري وأبو تراب الظاهري.
وفي اليمن أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي الذي كان زيدياً ثم انتمى إلى السنة وأخذ بالظاهر ونفى القياس وله جماعة يتبعونه.
فهذا ما ظهر لي من تطور المذهب الظاهري. أما سبب عدم انتشاره فعدة أسباب أجملها فيما يلي:
1 - أنه مذهب يشدد في تحريم التقليد وإيجاب الاجتهاد، فيحتاج إلى علماء حفاظ فحول دائمي البحث والفكر، وهذا أمر تتقاصر عنه همة غالب الناس.
2 - أنه لم يجد دولة تنصره وتقوم به، ولما نصرته دولة بني عبد المومن ازدهر لكن عنف الدولة وانغراس مذهب مالك في نفوس المغاربة جعل جهود الحكام تذهب هباء منثوراً بعد زوالها، خاصة وباقي دول المغرب رجعت لمذهب مالك رحمه الله تعالى.
3 - عنف ابن حزم مع المخالفين نفر منه الناس.
وأقول: إن المذهب الظاهري ليس ببدع من المذاهب بل هو مذهب من مذاهب أهل الحديث، نضر الله وجوههم، إلا أن أصحابه جمدوا على أمور ما كان لهم أن يجمدوا عليها.
" وقد نقل عن الحافظ ابن حجر أن أبا حيان كان يقول: محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهنه.
" قال الإمام الشوكاني - في "البدر الطالع" بعد نقله: .
3 - أصول كتاب المحلى
" المُحَلَّى" واحد من أربعة كتب صنفها ابن حزم في أحكام الحلال والحرام.
¥