هنالك يُدري أن للبعد قصةً وأن كساد العلم آفتُهُ القُرْبُ
قلت: رحمك الله يا أبا محمد، صدقت في قولك، ولكن الله تعالى علم جميل قصدك فوفق من أراد به الخير للاستفادة من كتبك.
ولابن حزم مصنفات حافلة في جملة من العلوم بلغت حوالي الأربعمائة. أهمها: " الإحكام في أصول الأحكام" و" الفصول في الملل والنحل" و" الإيصال" و" المحلى" وكتب عديدة في الرد على اليهود والنصارى والدفاع عن الإسلام بأقوى حجة.
وتوفي رحمه الله تعالى في بادية لبلة منفياً مكباً على العلم سنة 456هـ. رضوان الله تعالى عليه.
2 - ذكر المذهب الظاهري وتطوره
اعلم - رحمك الله تعالى- أن أول متكلم بهذا المذهب وناشر لوائه هو الإمام أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني، رحمه الله تعالى، المتوفى سنة 270 هـ. وكان هو معدوداً في أصحاب الشافعي، وصنف المصنفات الجليلة في فضائله حتى وصفه الإمام أبو إسحاق الشيرازي بقوله: >.
ولما ذكر القاضي عياض، رحمه الله تعالى، انتشار المذاهب في البلدان قال: >. ثم قال: >.
وقال عن الأندلس: >.
ومن أئمة المذهب ورجاله أبو بكر محمد بن داود، أحد الأذكياء العلماء الأدباء، وله مصنفات عديدة في المذهب الظاهري ونصرته. وقتل سنة 295 هـ، وهو ابن داود بن علي كما ترى.
ومنهم أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المغَلس البغدادي، وإليه انتهت رياسة أصحاب داود في بغداد وقته. أخذ عن أبي بكر بن داود وصنف العديد من الكتب في الفقه وغيره. توفي سنة 324 هـ.
ومنهم أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي ألصبهاني، النظّار القاضي، وعنه أخذ فقهاء بغداد مذهب الظاهر. توفي سنة 391 هـ.
ومنهم أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، أبو بكر الشيباني الإمام الحافظ الكبير قاضي أصبهان.
قال أبو نعيم الحافظ: >.
وقال ابن الأعرابي: >.
قلت: وكان إمام سنة فهو مصنف "السنّة" في نصرتها والذب عنها على طريقة السلف. وتوفي رحمه الله تعالى سنة 287 هـ.
ومنهم عبد المؤمن بن خلف، أبو يعلى التميمي النسفي، الإمام الحافظ، سمع من أبي حاتم الرازي وطبقته.
قال الحافظ ابن عبد الهادي: >.
قلت: وكان صلباً في السنة شديداً على المبتدعة، توفي سنة 346 هـ بنسف رحمه الله تعالى.
ومنهم أبو الحكم منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي. الفقيه البليغ والخطيب الجريء وكان إمام قرطبة بل والأندلس في زمانه علماً وأمانة وزهداً وذا مكانة عند الناصر الأموي.
وكان ظاهرياً ساعياً بجد في نشر مذهبه. توفي سنة 355 هـ وهو من تلاميذ الإمام ابن المنذر رحمهما الله تعالى.
ومنهم أبو الخيار مسعود بن سليمان بن مفلت الأندلسي.
قال الضبي: >.
قلت: أثر أبو الخيار في ابن حزم تأثيراً غيّر مجرى حياته فهو شيخه في الفقه الظاهري وتوفي رحمه الله تعالى سنة 426 هـ.
وظهر بعد هذا أبو محمد بن حزم القرطبي فحمل لواء المذهب وجادل عنه أشد المجادلة. وفي الحقيقة فإن ابن حزم هو المنظر الحقيقي للمذهب الظاهري أصولاً وفروعاً ولولاه لما عرف هذا المذهب ألبتة.
وقد كان له تلامذة أخذوا بقوله وانشر مذهبه بعد وفاته رحمه الله تعالى. والدليل عليه ما قاله أبو بكر بن العربي المالكي عن الظاهرية - وما أنصف-: >.
¥