ملاحظة: الظاهر أن قول الحافظ-من أنكر أمرا متواترا .. - يتعلق بالكافر كفر الجحود لا بالمبتدع وهذا لأن المبتدع هو من اتبع الشبهات بدافع الهوى لا عنادا وبهذا قيد الحافظ نفسه الابتداع أي بغير المعاندة إذ قال وهو يعدد أسباب الطعن في الراوي:" أو بدعته لا بمعاندة بل بنوع شبهة "
والمتواتر والمعلوم في الدين بالضرورة لا شبهة فيه فلا يرده من رده إلا عنادا وجحودا، والله اعلم.
ت- رد رواية من يأخذ الأجرة من تلاميذه على التحديث
قال العراقي في الفيته:
ومن روى الحديث بأجرة لم يقبل إسحاق والرازي وابن حنبل
و هو شبيه أجرة القرآن يخرم من مروءة الإنسان
لكن أبو نعيم الفضل أخذ و غيره ترخصا فإن نبذ
شغلا به الكسب أجز إرفاقا أفتى به الشيخ أبو إسحاق
ومحصله أنهم اختلفوا في قبول رواية من يأخذ الأجرة على التحديث فرد حديثه إسحاق بن راهويه وأبو حاتم الرازي وأحمد بن حنبل وغيرهم، وحماد بن سلمة وسليمان بن حرب، سئل أحمد:
"أ يكتب عمن يبيع الحديث فقال: لا و لا كرامة "
وقبلها الفضل بن الدكين شيخ البخاري وغيره من الحفاظ والأئمة كعفان بن مسلم بن عبد الله الصفار و يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي وهشام بن عمار ..
قال الفضل بن دكين:
" يلومونني على الأخذ وفي بيتي ثلاثة عشر نفسا وما بها رغيف "
وحاول أبو إسحاق الشيرازي الجمع بين القولين فأفتى بجواز أخذ الأجرة لمن كان مشتغلا بالتحديث عن الكسب وكان فقيرا وبالتالي قبول روايته وإلا فلا وهذا أسدى المذاهب وعليه يحمل ما في الصحيحين أو أحدهما من رواية من كان يأخذ الأجرة على التحديث، كما هو شأن الفضل بن دكين وعفان بن مسلم، أو يحمل على ثبوت متابعات لذلك الراوي كما هو شأن هشام بن عمار عند البخاري ولهذا لم يكثر عنه إذ ليس له إلا أربع روايات في الصحيح بل ربما كان هذا هو سر البخاري في إيراد حديث النهي عن المعازف من طريق هشام بن عمار ب"قال هشام ... الحديث، والله اعلم
كيف لا وقد قال السخاوي في الفتح2/ 91:
"قال الخطيب: وإنما منعوا من ذلك تنزيها للراوي عن سوء الظن به، فإن بعض من كان يأخذ الأجرة على الرواية عثر عل تزيده وادعائه ما لم يسمع لأجل ما كان يعطى، ومن هنا بالغ شعبة فيما حكي عنه وقال: لا تكتبوا عن الفقراء فإنهم يكذبون، ولذا امتنع منهم من امتنع، بل تورع الكثير منهم عن قبول الهدية والهبة .. "
ج- اختلافهم في كيفية ثبوت عدالة الرواة:
اتفق العلماء على أن العدالة تثبت للراوي بالاستفاضة كما هو شأن كثير من الأئمة المعروفين وهؤلاء لا يقدح فيهم تجريح بعض الناس لهم، وكذلك اتفق العلماء على أن العدلة تثبت للراوي متى عدله اثنان فما فوق ولم يجرح أحد واختلفوا في تعديل الواحد للراوي هل يتثبت به العدالة أم لا على مذاهب
الأول: لا يقبل تعديل الواحد
الثاني: يقبل تعديل الواحد
و كذلك اختلفوا في ثبوت عدالة الراوي برواية الثقة عنه على مذاهب
الأول: لا ثبت عدالة الراوي بمجرد رواية الثقة عن
الثاني: تثبت عدالة الراوي بمجرد رواية الثقة عنه
الثالث: تثبت عدالة الراوي بمجرد رواية الثقة عنه إذا كان هذا الثقة لا يروي إلا عن عدل
وكذلك اختلفوا في قول المحدث حدثني ثقة-وهذا ما يسمى بالتعديل على الإبهام-على مذاهب
الأول: لا تثبت به عدالة الراوي
الثاني: تثبت به عدالة الراوي
الثالث: تثبت به العدالة إن صدر عن عالم مجتهد
وكذلك اختلفوا في تعديل المرأة والعبد على مذاهب
الأول: لا يقبل تعديل المرأة والعبد مطلقا
الثاني: يقبل تعديلهما
الشرط الثالث: ضبط الراوي
والمقصود ملكة استظهار المرويات عن ظهر قلب أو صيانة الأصول من أن تمتد إليها يد بزيادة أو نقصان، وقد اتفقت كلمة أهل العلم في اشتراط ضبط الراوي لقبول روايته إلا أنهم اختلفوا في بعض صور هذا الشرط مثل رواية من يلقن على و مذاهب
الأول: من عرف بقبول التلقين لا يقبل مطلقا كما هو مذهب ابن حزم حيث قال:"من صح أنه قبل التلقين ولو مرة سقط حديثه كله"
الثاني: يرد الحديث الذي لقن فيه واخذ عنه ما أتقن حفظه كما هو مذهب الحميدي فيما نقله عنه الخطيب:"من قبل التلقين ترك حديثه الذي لقن فيها وأخذ عنه ما أتقن حفظه"
و كذلك اختلفوا في قبول رواية من أصر على رواية اخطأ فيها بعد بيان الناس له وجه الخطأ فيها على مذاهب
الأول: لا تقبل رواية مطلقا بل ترد كل مروياته إن لم يرجع
¥