وزاد في البحر الذي زخر1/ 329 وأصله من كلام الحافظ:
" واستدل الحاكم على اشتراط ذلك بما أسنده عن عبد الله بن عون قال: لا يؤخذ العلم إلا ممن
شهد له عندنا بالطلب والظاهر من تصرف صاحبي الصحيح اعتبار ذلك إلا حيث يحصل للحديث طرق"
وهذا الذي قاله الحاكم تفسير لما نقله ابن رجب عن سفيان الثوري أنه قال:
"لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة و
النقصان ولا باس بما سوى ذلك من المشايخ "
وقال السيوطي في"إسعاف المبطأ":
"قال إسحاق بن محمد الفروي: سئل مالك: أ يؤخذ العلم عمن ليس له طلب ولا مجالسة؟ فقال:"لا" ثم قال:"لا يكتب العلم إلا ممن يحفظ ويكون قد طلب وجالس وعرف وعمل ويكون معه ورع"
بل عقد ابن عدي فصلا في كامله1/ 152 بعنوان" نهي الرجل أن يأخذ العلم إلا ممن تقبل شهادته ويكون مشهورا بالطلب" أورد فيه آثارا سلفية كثيرة قاضية بهذا الشرط فأنظره غير مأمور، ومن هنا قال من قال من السلف:"لا يؤخذ العلم من صحفي و لا القرآن من المصحفي" والله اعلم
والخلاصة
إذا فهنالك شروط في الحديث الصحيح متفق عليها فالحديث بها صحيح عند جميع العلماء محدثين كانوا أو فقهاء أو أصوليين وهنالك شروط مختلف فيها و عليه فالحديث الذي لم يتوفر عليها ضعيف عند من اشترطها و صحيح عند غيره ولذا قال ابن الصلاح:"وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف كالمرسل "
و لهذا قسم الحاكم في كتاب المدخل الحديث الصحيح إلى عشرة أقسام خمسة متفق عليه وخمسة مختلف فيه، وقد لخص الحافظ ابن حجر كلامه فقال بعد أن ذكر أقسام الحديث الصحيح المتفق عليه وهي خمسة:
"و أما الأقسام المختلف فيها فهي: 1 - المراسيل، 2 - وأحاديث المدلسين إذا لم يذكروا السماع، 3 - و المختلف في وصله وإرساله بين الثقات، 4 - و روايات الثقات غير الحفاظ، 5 - و رواية المبتدعة إذا
كانوا صادقين "
وإذا عرفت ما سبق عرفت يقينا بعض ما يرد على قولهم في تعريف الحديث الضعيف"كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن" والله اعلم بالصواب
التعريف الثاني:"كل حديث لم تجتمع فيه صفات القبول"
قاله الحافظ ابن حجر وعليه سار بعضهم، إلا أن هذا أيضا لم يسلم من الاعتراضات
الاعتراضات:
بل هذا أولى لأن معرفة المقبول من الحديث متوقفة على معرفة الصحيح والحسن إذا فهذا التعريف يرد عليه ما ورد على الأول وزيادة ثم يرد عليه الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول فهو بمقتضى تلقي العلماء له بالقبول يدخل في دائرة المقبول و إن لم يصح من حيث السند، هذا ما كان عليه الأئمة والعلماء من أهل الحديث والأصول وخالف بعض المعاصرين في اعتبار الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول حيث قال الدكتور المرتضى الزين أحمد في كتابه"منهج المحدثين"ص22:
" إن بقاء الحديث على ضعفه أولى من تصحيحه ونسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل تلقي الأمة له "
لذا يجدر بي أن أقف عند هذه المسألة قليلا
مسألة الضعيف المتلقى بالقبول:
قال الحافظ ابن حجر:
"من جملة صفة القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أن يتفق العلماء على العمل بمدلول الحديث فإنه يقبل حتى يجب العمل به وقد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول "
وقال أيضا:
"أن اتفاق الأمة على تلقي خبر غير ما في الصحيحين بالقبول ولو كان ضعيفا يوجب العمل بمدلوله "
بل قال الحافظ السخاوي:
"حتى أنه ينزل منزلة المتواتر ينسخ به المقطوع "
وقال مالك كما نقله عنه صاحب التعليقات الحافلة:
" شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده"
و قال الإمام الشافعي في الرسالة ص139:
" و روى بعض الشاميين حديثا ليس مما يثبته أهل الحديث فيه أن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عن النبي منقطعا و إنما قبلناه بما وصفنا من نقل أهل المغازي وإجماع العامة عليه"
وهو ظاهر صنيع الإمام الترمذي إذ كثيرا ما يضعف الحديث ثم يقول وعليه العمل عند أهل العلم، كما في باب إبطال ميراث القاتل معلقا على قوله صلى الله عليه وسلم القاتل لا يرث قال:
“ هذا حديث لا يصح، و لا يعرف هذا إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قد تركه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل والعمل على هذا عند أهل العلم…".
¥