تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن أصحاب القول الثالث استدلوا بحديث أنس بن مالك وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وهي أدلة دلالتهما محتملة.

أمَّا حديث أنس، قال ابن عبد البر: اختلفت روايات حديث أنس اختلافاً كثيراً، مضطرباً متدافعاً، منهم من يقول: فيه كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من يقول: كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من قال: كانوا لا يتركون بسم الله الرحمن الرحيم، ومنهم من قال: كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء، وقد روي عن أ نس أنه سئل عن هذا الحديث فقال: كبرنا ونسينا، (1) ومع ذلك فيحتمل أنهم كانوا يقرؤون الاستفتاح سراً كما في ألفاظ مسلم: فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فكذلك يحتمل أنه لم يسمع أحداً منهم يقرأ دعاء الاستفتاح، وقد عارضه فعل عمر رضي الله تعالى عنه لأنه كان يجهر بدعاء الاستفتاح بمحضر من الصحابة كما تقدم، فالمثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، كما هو مقرر في محله.

ويجاب عن حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهو المعروف بحديث المسيء صلاته أن الرسول ? اقتصر على تعليمه الفرائض ولذلك لم يعلمه أذكار الركوع والسجود والتشهد والتكبير والتسميع إلى غير ذلك، (1).

ومشروعية دعاء الاستفتاح تؤخذ من غيره من النصوص لأن أحكام الصلاة ليست محصورة في حديث المسيء صلاته ولا في حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما.

وبهذا يتبيَّن لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول والثاني من سنية دعاء الاستفتاح في الصلاة لثبوت ذلك عن رسول الله ? بكل الصيغ التي ذكروها وصحت عن النبي ?، وأولاها وأفضلها عندي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المتفق عليه، سواء اقتصرت عليه أو أضفت له بعض الصيغ الأخرى، الثابتة المشتملة على الثناء والتنزيه والتعظيم لله عز وجل، وذلك لكونه متفق عليه، وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في الفريضة قطعاً، ولا يوجد في الاستفتاح في الفريضة حديث متفق عليه غيره، وإن لم يختاره أحد من الأئمة بمفرده، وإن كان النووي من الشافعية استحب أن يقوله المصلي مع حديث عليّ ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه المتقدم الذي تمسك به الشافعي رحمه الله تعالى كما تقدم، وتقدم كلام الإمام أحمد الذي قال فيه: وإن استفتح أحد بما صح عنه ? فحسن (1)، وقد تقدم تخريجه، وقد ذكر ذلك الترجيح الشوكاني في نيل الأوطار (2)،

وصدر به ابن القيم باب دعاء الاستفتاح في زاد المعاد (3) وإن كان هو يقدم عليه حديث عائشة رضي الله عنها كما سبق ذلك أيضاً عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله جميعاً،

وسبب اختياري لهذه الصيغة هو أنها صحيحة ومتفق عليها، ولم ترد إلا في الفريضة، وغيرها من أدعية الاستفتاح وردت في قيام الليل،كما تقدم ذكر ذلك في التعقيب على ابن القيم في قوله أن أحاديث الاستفتاح عامتها في قيام الليل غير حديث عائشة، (4)

وقد اتفق الشيخان على حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله ? يسكت بين التكبير والقراءة اسكاتة"، قال: أحسبه قال هنيهة (5). فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إسكاتتك بين التكبير والقراءة ما تقول، قال أقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج، والبرد) (1).

المطلب الرابع: صيغ أدعية الاستفتاح

الواردة في قيام الليل خاصة،

ورد فيه عدة صيغ متنوعة منها ما تقدم من حديث علي بن أبي طالب وعائشة وأبي سعيد وابن جبير بن مطعم، وكل الأحاديث التي تقدمت في الاستفتاح وردت في قيام الليل أيضاً إلا حديث أبي هريرة فإنه لم يرد إلا في الفريضة، وأما الأحاديث التي لم ترد إلا في قيام الليل خاصة،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير