تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن حجر: الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي ? وما نقل عن مالك أنه كره أن يقول: زرت قبر النبي ? وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلى الصواب (). الثاني: أنما استدل به أصحاب الثاني لم يصح منه إلا حديث أبي هريرة ? في لعن زوارات القبور، وحديث أم عطية في النهي عن اتباع الجنائز، أما حديث أبي هريرة ? فعلى قول أكثر العلماء أنه منسوخ بحديث الإذن في الزيارة كما تقدم، وأن هذا اللعن كان قبل الرخصة التي في حديث عبد الله بن بريدة ? المتقدم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ويحتمل أن المراد به المكثرات من الزيارة كما يدل على ذلك لفظ زوارات بصغة المبالغة. قال القرطبي: هذا اللعن إنما هو: للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك فقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء ().

وقال الشوكاني: وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر ().

وأما ما قاله الشيخان ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله: من أن زيارة النساء للقبور يترتب عليها من المفاسد والفواحش من فتنة الأحياء وإيذاء الأموات والفساد الذي لا سبيل لدفعه إلا بمنعهن ().

التعقيب: قلت: هذه المفاسد وجودها ليس مطرداً فلا يمنع حكم شرعي بما ليس مطرداً لأنها قد لا توجد ولأن الأصل السلامة من جميع العوارض، وإذا وجد عارض من هذه العوارض فالممنوع هو هذا العارض المانع من الزيارة وليس نفس الزيارة، وأيضاً هذه الموانع من فتنة أو نياحة أو تبرج أو اختلاط ممنوعة باتفاق العلماء سواء في وقت الزيارة أو في غيرها، وكل العلماء القائلون بجواز زيارة النساء للقبور يشترطون انتفاء هذه الموانع من نياحة وتبرج واختلاط أو أي فتنة كما تقدم. قال الشوكاني: ويجمع بين الأدلة بأن المنع لمن كانت تفعل في الزيارة ما لا يجوز من نوح وغيره والإذن لمن لم تفعل ذلك ().

الثالث: أنما استدل به أصحاب القول الثالث بالترخيص للقواعد فإنه لا ينضبط لأن لكل ساقطة لاقطة، وهو من محترزات أصحاب القول الأول لأن الضابط: هو انتفاء الموانع من نياحة، أو تبرج، أو اختلاط، أو فتنة سواء للقواعد أو الشابات.

قال القرطبي: زيارة القبور للرجال متفق عليه عند العلماء مختلف فيه للنساء أما الشواب فحرام عليهن الخروج، وأما القواعد فمباح لهن ذلك وجائز لجميعهن ذلك إذا انفردن بالخروج عن الرجال ولا يختلف في هذا إن شاء الله وعلى هذا المعنى يكون قوله زوروا القبور عاماً وأما موضع أو وقت يخشى فيه الفتنة من إجتماع الرجال والنساء فلا يحل ولا يجوز فبينا الرجل يخرج ليعتبر فيقع بصره على امرأة فيفتتن وبالعكس فيرجع كل واحد من الرجال والنساء مأزوراً غير مأجور ().

الرابع: أنما استدل به أصحاب القول الرابع هو نفس ما استدل به أصحاب القول الأول: إلا أنهم حملوا الأمر بزيارة القبور في قوله ?: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) على الوجوب كما هو الأصل عندهم في صيغة الأمر.

قال القرطبي: قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات وموتم البنين والبنات ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير وقائم له مقام التخويف والتحذير وفي مشاهدة من أحتضر وزيارة قبر من مات من المسلمين معاينة ومشاهدة فلذلك كان أبلغ من الأول، فأما الاعتبار بحال المحتضرين فغير ممكن في كل الأوقات وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات وأما زيارة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير