[السَّادِس عَشَرَ] الأَحَادِيثُ الْعَشْرَةُ الاخْتِيَارِيَّةُ الْعُشَارِيَّةُ الأَسَانِيدِ
مِنْ مَسْمُوعَاتِ الْحَافِظِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ
ــــ،،، ــــ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ العلاَّمَةُ الْحَافِظُ شَيْخُ الإِسْلامِ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيُّ سَقَى اللهُ ثَرَاهُ، وَبَوَّاهُ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً بِمِنِّهِ وَكَرَمِهِ. آمِينَ آمِينَ آمِينَ:
الْحَمْدُ للهِ الْمَلِكِ الأَعْلَى، وَسَلَّمَ اللهُ عَلَى أَشْرَفِ الْمَخْلُوقِينَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَصَلَّى.
أمَّا بَعْدُ. فَهَذِهِ أَحَادِيثُ عُشَارِيَّاتُ الأَسَانِيدِ تَتَبْعَتُهَا مِنْ مَسْمُوعَاتِي، وَالْتَقَطْتُهَا مِنْ مَرْوِيَاتِي. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ هُوَ أَعْلَى مَا يَقَعُ لِعَامَّةِ مَشَايِخِي الَّذِينَ حَمَلْتُ عَنْهُمْ، وَقَدْ جَمَعْتُ ذَلِكَ، فَقَارَبَ الأَلْفَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي مِنْهُمْ.
وَأَمَّا هَذِهِ الأَحَادِيثُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُصُورٌ عَنْ مَرْتَبَةِ الصِّحَاحِ، فَقَدْ تَحَرَيْتُ فِيهَا جَهْدِي، وَانْتَقَيْتُهَا مِنْ مَجْمُوعِ مَا عِنْدِي، وَبَيَّنْتُ عِلَّةَ كُلِّ حَدِيثٍ بِعَقَبِهِ، وَأَوْضَحْتُ مَا فِيهِ لِلْمُنْتَبِهِ. وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ، لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْكَرِيْمُ الْمَنَّانُ.
[الْحَدِيثُ الأَوَّلُ]
قَرَأْتُ عَلَى الْعَلاَّمَةِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْبَعْلِيِّ بِالْقَاهِرَةِ قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْفَخْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَعْلِيُّ قَالَ: أنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلََ بْنِ أَحْمَدَ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ: أنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُوْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَقِيلٍ وَأبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بنِ الْمُطَهَّرِ بْنِ أبِي نِزَارٍ قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رِيذَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ اللَّخْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ رَمَاحِسَ الْقَيْسِيُّ بِرَمَادَةِ الرَّمْلَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو زِيَادُ بن طَارِقٍ وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَرْوَلٍ زُهَيْرَ بْنَ صُرَدٍ الْجُشَمِيَّ يَقُولُ: لَمَّا أَسَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَوْمَ هَوَازِنَ، وَذَهَبَ يُفَرِّقُ السَّبْيَ أَتَيْتُهُ، فَأَنْشَدْتُهُ أقُولُ:
امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ ونَنَتْظِرُ
امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُشَتَّتٌ شَمْلُهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ
أَبْقَتْ لَنَا الدَّهْرَ هَتَّافًا عَلَى حُزُنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغُمُرُ
إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ
امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... إِذْ فُوكَ يَمْلأُهُ مِنْ مَخْضِهَا الدُّرَرُ
إِذْ أَنْتَ طِفْلٌ صَغِيرٌ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يَزِينُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
لا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... فَاسْتَبِقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهِرُ
إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنَّعْمَاءِ إِذْ كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ
فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ ... مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهَرُ
يَا خَيْرَ مَنْ مَرَحَتْ كَمْتُ الْجِيَادِ بِهِ .. عِنْدَ الْهَيَّاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ
إِنَّا نُؤمِّلُ عَفْوًا مِنْكَ نَلْبَسُهُ ... هَادِي الْبَرِيَّةِ إِذْ تَعْفُو وَتَنْتَصِرُ
فَاعْفُ عَفَا اللهُ عَمَّا أَنْتَ رَاهِبُهُ ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ يَهْدِي لَكَ الظُّفَرُ
فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الشَّعْرَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَقَالَتِ الأَنْصَارُ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ للهِ وَلِرَسُولِهِ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لا يُرْوَى عَنْ زُهَيْرِ بْنِ صُرَدٍ بِهَذَا التَّمَامِ إِلاَّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ رَمَاحِسَ اهـ.
قُلْتُ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، رَوَاهُ أبُو الْحَسَنِ بْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَوَّاصٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، فَوَقَعَ لنَا بَدَلاً عَالِيَاً. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ الأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِمَّا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنَ الصَّحِيحَيْن مِنْ وَجْهَيْنِ إِلَى الطَّبَرَانِيِّ.
حَمِّلْ أَوَّلاً صَفَحَاتِ الْمَخْطُوطِ:
¥