تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأكثر الناظرين فى الشريعة من رجالات القانون كان جل استخلاصهم الأسف عن الغفلة عن النظر فى الثروة العلمية البالغة التى خلفها لنا سلفنا الكريم خاصة فى مجال التجريم والعقاب () أو الإقرار بأن " فى ذخائر الشريعة الإسلامية من المبادئ والنظريات ما لا يقل فى رقى الصناعة، وفى إحكام الصنعة عن أحدث المبادئ والنظريات، وأكثرها تقدما فى الفقه الغربى" ().

ومع أن إحساسهم بأن القوانين الوضعية القائمة لا تمت بسبب إلى القوانين القديمة التى كانت تطبق حتى أوائل القرن التاسع عشر صادق ويقينى، لأنها قامت على نظريات فلسفية واعتبارات اجتماعية وإنسانية لم يكن لها وجود فى القوانين القديمة، فإن نصحهم للمنكرين صلاحية الشريعة للتطبيق فى العصر الحاضر وقف عند حد " لا تقيسوا الشريعة بالقانون، لأن الشريعة تختلف عن القوانين اختلافات أساسية وتتميز عنها بمميزات جوهرية مما يمنع القياس، لأن القاعدة أن القياس يقتضى مساواة المقيس بالمقيس عليه، فإذا انعدمت المساواة فلا قياس، أو كان القياس باطلا " ().

ومن جانب آخر فإن بعض دهاة الغرب مكروا بالباحثين المسلمين حتى ألجئوهم إلى مركز المدافع، وذاك بقولهم " إن الشرع المحمدى ليس إلا القانون الرومانى معدلا وفق الأحوال السياسية فى المملكات العربية " () فانهمرت البحوث والكتابات فى أصالة الفكر الإسلامى واستقلاله عن القانون الرومانى وغيره ()، وقلة قليلة هى تلك التى حاولت التأصيل الصريح للنظريات القانونية الغربية الحديثة.

وفى معركتنا الثقافية لا يكفى إيماننا أننا نحتفظ بالإمكان الحضارى، أو نحتفظ بعالم الأفكار والقيم، كذلك لا يكفى صد محاولات توهين قيم الحضارة الإسلامية، ومقاربتها بالقيم الغربية لضمان قبولها ومرورها إلى الداخل الإسلامى () وإنما يلزم فضلا عن ذلك زعزعة إيمان البعض منا بنهضة الغرب بقدراته الذاتية وبجهود مفكريه وفلاسفته، وكشف الخفا والإلباس على الأجيال الجديدة من الدارسين والمشتغلين بالفكر القانونى خصوصاً، إيمانا منا بأن الأنساق القانونية تعد –

كما يقول أساتذتنا – من أشد وأقوى البنيات الاجتماعية فى الحضارات، " لأنه إذا كان كل نظام قانونى يتحدد ببناء اجتماعى محدود تاريخيا، فهو أيضا يعتبر شرطا لازما لوجود البناء الاجتماعى لما له من تأثير فى البناء الاجتماعى وتحديد شكله النهائى " ().

وانطلاقا من الحقيقة التاريخية التى تقرر أن الغرب لم يكن شيئا حتى تيسر له الانتفاع بالوعى الإسلامى، ودحضا لشبه الذين يهونون من قيمة هذا الوعى، وتبصرة بالحقيقة التى ينكرها كثير من الغربيين والمستغربين، ومساهمة فى فتح نافذة – نظنها أوصدت عمدا – فى تاريخ الدراسات التشريعية والقانونية، ورداً على هجمة جديدة على الفقه الإسلامى الحنيف تزعمها الباحث الأمريكى الأستاذ توبى. أ.هاف أستاذ الأنثر بولوجيا والمتخصص فى بحث الأنظمة القانونية والشرعية، وذلك فى كتابه فجر العلم الحديث. الإسلام والصين والغرب، الذى ترجمه إلى العربية الدكتور أحمد محمود صبحى، وتولت طباعته ونشره وزارة الثقافة الكويتية فى سلسلتها الشهيرة بـ (عالم المعرفة) العددان 219، 220، لهذا كله أعددت هذا البحث عساه يكون لبنة صالحة فى تشكيل الوعى الحديث.

ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[30 - 11 - 06, 10:06 م]ـ

الوعى الإسلامى: 2

المبحث الأول

معتنق الغرب الوسيط وانعكاساته القانونية

المطلب الأول

مسيحية بولس

المعتنق الذى يدين الغرب به ينبع من تعاليم القديس بولس الرسول ()، وفى تعاليم بولس تبرز ثلاثة أقانيم آية على الانقطاع عن الماضى، والرضوخ للواقع وإن كان مظلما، وإغلاق باب الحكمة والعقل ().

أ- الانقطاع عن الناموس " التشريع "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير