تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، أو بناء هرمى من القسس والرهبان … ولابد من ناحية المبدأ أن يلقى جميع أبناء الأمة نفس المعاملة، وتؤكد الظواهر أن القرآن ثم الشريعة – لعلها تعنى الفقه - قد ساعدا المسلمين فى الواقع على غرس روح المساواة العميقة " ().

2 - إن وهم غياب المساواة والعدالة وليد أن كل قاض سيحكم بمذهب إمامه، وهذه آفة وجدت فعلا فى العصور المتأخرة، لكنها فى إطار الاجتهاد المحترم قصور لا يقر، لأن التقليد – عن غير بصيرة – مذموم تنزيلا وتأويلا.

وقد يقال إنه مع حرية الاجتهاد تتعدد الأقضية فى الوقائع المتماثلة بتعدد مناهج النظر؟

وهذا وإن كان نادرا مع وحدة المشرب إلا أنه إن وقع فى إطار الأصول الكلية للشريعة الإسلامية لا يجاوزها، وقام اعتمادا على الأدلة الشرعية فى الاستنباط، وتوخى من خلالها تحقيق المقاصد العامة للشريعة وما تقوم عليه من صون الدين والنفس والعقل والعرض والمال، فإنه صحيح مقبول، ولا ينبغى أن يكون فيه- من منظور المنادين بروح القانون، وفلسفة التفريد والاتساق مع القانون الطبيعى - مجافاة للمساواة والعدالة إلا أن يكون الحكم انتقائيا.

3 - إنه مع ظهور الفقه المقارن، وقد ظهر مبكرا فى مؤلفات محمد بن الحسن الشيبانى والشافعى ومن بعدهما، ومع اتفاق أئمة المذاهب على أن الحق ما وافق المنقول، ولم يجاف صحيح المعقول يمكن للباحث عن الحقيقة أن يلحظ بوضوح "السيادة المطلقة للمشروعية " وقد نظم الأوائل طريق الوصول إليها بنظرية التعارض والترجيح، وبوسع أى باحث مبتدئ أن يقف على ذلك فى يسر من خلال تصنيف الإمام ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد ().

4 - ويبقى الدفع الأهم وهو أن حال القوم فى عصور النقل والتعلم كان كما صوره جوستاف لوبون بقوله " إذا رجعنا إلى القرن التاسع والقرن العاشر من الميلاد، حين كانت الحضارة الإسلامية ساطعة رأينا أن مراكز الثقافة فى الغرب كانت أبراجا يسكنها سنيورات متوحشين يفخرون بأنهم لا يقرأون، وأن أكثر رجال النصرانية معرفة كانوا من الرهبان المساكين الجاهلين الذين يقضون أوقاتهم فى أديارهم ليكشطوا كتب الأقدمين النفيسة بخشوع، وذلك كيما يكون عندهم من الرقوق ما هو ضرورى لنسخ كتب العبادة " ().

فهل يظن بهؤلاء أن يكون عندهم من حرفية"صناعة التشريع" ومدنية الإنسانية - مع بربريتهم وهمجيتهم - ما يتطلعون به إلى المبادئ العامة، والسيادة المطلقة؟!!

– 3 –

زعموا أن النزعة الشخصية والفردية غالبة فى طبيعة القانون الإسلامى، حتى فى جرائم القتل، وأن الاهتمام بالجرائم المتصلة بالدين، أما الأضرار الشخصية فالاهتمام بها لا يتصور ما دامت الشريعة لا تعرف معنى الإهمال.

1 - وأول ما يؤخذ على هذا الزعم أنه عمم حكما يتعلق بتحريك الدعوى الجنائية فى جرائم الاعتداء على الحق الخاص، كما فى جريمتى السرقة والقذف، أو يتعلق بالرضا بنوع الجزاء أو العفو عنه كما فى جرائم الاعتداء على النفس أو الأطراف.

2 - وبالنسبة للحق فى تحريك الدعوى بناء على طلب المضرور - وبصرف النظر عن حكمته التشريعية من تغليب جانب المودة والمغفرة، أو تحاشى إشاعة الفاحشة – فإن هذا القيد مألوف فى القوانين الوضعية، ولو كان الزاعمون موضوعيين لما لفتهم هذا القيد بحسبانه مراعى فى القوانين الحديثة، على أن المالكية وفقههم الأقرب إلى الغرب ممن لا يرون حاجة إلى الدعوى من المسروق منه فى جريمة السرقة لعموم قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءا بما كسبا نكالا من الله" ().

3 - وبالنظر إلى جرائم الاعتداء على النفس والأطراف فإن الحكم فيها أصدق دليل على أن الفقه اتباعى لا ابتداعى ().

إذ لم يغادر الفقهاء – وحاشاهم أن يفعلوا – حكم الله فى كتابه أو سنة رسوله?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير