تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال العلامة القدوري: (كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره؛ جاز السَّلَم فيه، وما لا يمكن ضبط صفته ولا يعرف مقداره؛ لا يجوز السلم فيه). وهذا أيضاً ضابط مهم في موضوعه.

فإطلاق (القاعدة) على الضابط أمر شائع مصدّر في المصادر الفقهية وكتب القواعد كما سبقت الإشارة إلى ذلك آنفاً، مثال ذلك ما جاء في قواعد الإمام ابن رجب الحنبلي تحت عنوان: (القاعدة): (شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه لا في حكم المتصل). وهكذا تناول بعض الضوابط الأخرى تحت عنوان: (القواعد) في سائر كتابه. وكذلك العلامة الكبري في كتابه (الاستغناء في الفروق والاستثناء). أما تاج الدين السبكي فيذكر الضوابط تحت عنوان: (القواعد الخاصة)، فمعظمها ضوابط فقهية، ويعبر عما هو أعم من الضابط بعنوان: (القاعدة العامة).

? فروق للتمييز بين القاعدة والضابط:

ففي ضوء هذه النصوص المذكورة يمكن أن نستخلص النتائج التالية:

1 - يبدو من خلال التعريفات المذكورة أنه لا يوجد هناك اتفاق بين القواعد والضوابط، فإن القواعد هي أعم وأشمل من الضوابط من حيث جمع الفروع وشمول المعاني.

2 - تطور مفهوم الضابط تطوراً ملحوظاً، ومن ثم لم يلاحظ البعض الفرق والدقة بين القاعدة والضابط، ولم يتبين هنا في مجموعة التعريفات حد فاصل أو قاطع بين القاعدة والضابط، لكن أحسن الأقوال ما ذهب إليه أكثرهم؛ مثل السبكي والسيوطي وابن نجيم وغيرهم.

3 - إن القواعد أكثر شذوذاً من الضوابط، لأن الضوابط تضبط موضوعاً واحداً فلا يُتسامح فيها بشذوذٍ كثير.

4 - لا تستقر المصطلحات العلمية على نمط معين إلا بكثرة استعمالها في المواضع المختلفة وترددها على الألسنة، وهي دائماً تنتقل من طور إلى طور، وتتغير مع تعاقب العصور، فقد يكون الاصطلاح عاماً في فترة من الفترات فيتطور إلى أخص مما كان أولا – ويلاحظ هذا التطور في كثير من الكلمات اللغوية والاصطلاحية ... الخ- وهذا ما جرى بالنسبة للقواعد والضوابط، فإنه لم يتميز الفرق بينهما تماماً إلا في العصور المتأخرة حتى أصبحت كلمة (الضابط) اصطلاحاً متداولاً شائعاً لدى الفقهاء والباحثين في الفقه الإسلامي، فهم يفرقون الآن بين الكلمتين في المجالات الفقهية.

أما الأستاذ خالد السبت (1/ 31) فقد لخص ذلك في فروق ثلاثة وهي:

1 - القاعدة تجمع فروعاً في أبواب شتى. والضابط يجمعها من باب واحد – (شرح المجلة) سليم رستم 17 و (الأشباه والنظائر) لابن نجيم ص129 - وعليه فالقاعدة أوسع من الضابط.

2 - الخلاف الواقع في الضابط من حيث قبوله أو رده أكثر من الخلاف الواقع في القاعدة. لأن القواعد يقع الخلاف غالباً في بعض تفاصيلها لا في أصلها. أما الضوابط فيقع الخلاف كثيراً في أصولها. وذلك لكونها محدودة، فهي كالأجزاء بالنسبة للقاعدة.

3 - أن المسائل التي تشذ عن القواعد وتُستثنى منها أكثر بكثير من المسائل التي تشذ عن الضوابط؛ لما مضى من سعة القواعد وضيق مجال الضوابط.

وذهب آخرون إلى عدم التفريق بين القاعدة والضابط. فَعَرَّفُوها به. وقال البركتي معلقاً على قول ابن نجيم في التفريق بينهما: (أما أنا؛ فقد أطلقت في كتابي هذا على كل من القاعدة والضابط (القاعدة) ولا مشاحة في الاصطلاح). وقال الرهاوي: (واعلم أن القاعدة والقضية والأصل والضابط والقانون بمعنى واحد، وهو أمر كلي منطبق على جزئياته، ليعرف أحكامها منه).

هذا ومن حيث الواقع؛ فإن الناظر في الكتب المصنفة في القواعد يجد أصحابها يذكرون كثيراً من الضوابط –حسب اصطلاح من فرق بينهما- على أنها من عداد القواعد. والحاصل أن المسألة اصطلاح، فمن رأى التفريق فلا مشاحة في الاصطلاح. لكن عليه أن يلتزم الأصل الذي اصطلح عليه ولا يخرج عنه. ومن رأى عدم التفريق فله ذلك. وعلى هذا القول سنعول في ما نذكره من قواعد. إن شاء الله تعالى

ثانياً: الفرق بين التفسير وقواعد التفسير

قواعد التفسير: هي تلك الضوابط والكليات التي تُلتزم كي يتوصل بواسطتها إلى المعنى المراد.

أما التفسير: فهو إيضاح المعاني وشرحها المبني على تلك الأصول والضوابط المسماة بالقواعد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير