تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سبحان الله أطفل صغير ينطق بهذه الكلمات؟ ويعرف كل هذه المعلومات ويفهم لوازم العبارات (إِنَّ مَثَل عِيسَي عِنْدَ اللهِ كَمَثَل آدَمَ خَلقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لهُ كُنْ فَيَكُونُ)، (ذَلكَ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ قَوْل الحَقِّ الذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ للهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَي أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فالله عز وجل قادر على أن يعلم الناس ما يشاء كما قال سبحانه وتعالي: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ) البقرة، ولكنه من حكمته جعل العلم بين الناس درجات، وجعل طلبه نوعا من أنواع الابتلاءات، ليجتهد الناس في جمعه وتحصيله، ويتعرفوا على الشيء بدليله، وليعلموا منزلة الأنبياء، وأهمية الوحي الذي نزل من السماء، ولذلك كان أكثر الناس خشية لله هم العلماء كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَي اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلمَاءُ) فاطر/28.

فآيات القرآن أثبتت للإنسان جهازا للإدراك شاملا متكاملا أساسه في القلب، أول مهامه إدراك الأشياء ومعرفة الأسماء، وتمييز خصائصها والتعرف على أوصافها، يقول تعالى: (أَفَلمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَي الأَبْصَارُ وَلكِنْ تَعْمَي القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ)، وقال أيضا ً: (وَلقَدْ ذَرَأْنَا لجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الجِنِّ وَالإِنسِ لهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلئِكَ كَالأَنْعَامِ بَل هُمْ أَضَلُّ أُوْلئِكَ هُمْ الغَافِلُونَ).

وقد أمر الله عبادة باستخدام هذا الجهاز الإدراكي في النظر إلي الإبداع الكوني، والتأمل في خلق السماوات والتفكر في سائر المخلوقات، (إِنَّ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليْل وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولي الأَلبَابِ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

وقال تعالى: (أَفَلمْ يَنْظُرُوا إِلي السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُل زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَي لكُل عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ وَالنَّخْل بَاسِقَاتٍ لهَا طَلعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا للعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلدَةً مَيْتًا كَذَلكَ الخُرُوجُ).

وقال أيضاً: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلي الإِبِل كَيْفَ خُلقَتْ وَإِلي السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلي الجِبَال كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلي الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ).

• الحق سبحانه وتعالي يدعوا عباده إلي توحيد الربوبية بطريقين اثنين:

أحدهما: النظر في آياتة الكونية، والمخلوقات المرئية، بما في ذلك النفس البشرية، فهي في حقيقتها صفحات كونية وأدلة عقلية في كتاب الله الكوني، ودور الإنسان الذي أمر الله به في القرآن هو التفكر والاعتبار والنظر في الآثار، فالأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير، سماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدل على اللطيف الخبير، فدور العقل هنا البحث في المخلوقات وما فيها من حكم وآيات، فإن المفعولات دالة على الأفعال، والأفعال دالة على الصفات، فالمفعول يدل على الفاعل، والمخلوق يدل على الخالق، وذلك يدل باللزوم على وجود الله وقدرته وعلمه ومشيئته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير