تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلمْ يَأْذَنْ لي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لي)، فالحديثان صحيحان وثابتان عن المصطفي صلي الله عليه وسلم، ويدلان بلا لبس أو غموض على أن والد النبي صلي الله عليه وسلم وأمه في النار وأنهما ماتا على الشرك بالله، وهذا يدل يقينا على أن الحجة وصلتهم وأن رسالة التوحيد بلغتهم، وإن كنا لا نعلم كيف وصلتهم أو بلغتهم، ولا يحتاج الأمر إلي تأويل، أو خروج عن الدليل، أو الكذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم في أن الله أحيا أباه وأمه فآمنا به ثم ماتا، أو ندعي لأنفسنا أننا نحب أباه وأمه أكثرَ منه صلي الله عليه وسلم.

وقد يسأل سائل ويقول: هل يلزمني لكي أحقق شرط العلم الذي هو من شروط لا إله إلا الله، أن أتعلم كل صغيرة وكبيرة في الدين؟ وأن أترك عملي لأسلك سبيل المتعصبين المتشددين؟ والجواب على ذلك سهل ويسير على من هداه اللطيف الخبير، لم يأمر الإسلام أحدا أن يترك عمله ويتواكل على غيره، ودين الله يسر لا سبيل فيه للمتعصبين والمتشددين، ولكن المطلوب منك أن تسأل المتخصصين عما يظهر لك في حياتك من أحكام، لأنك بقولك لا إله إلا الله عاهدت الله على الالتزام، عاهدته على أن تنفذ أمره إذا علمته، وأن تصدق خبره إذا عرفته، فإن سمعت آية يأمرك الله فيها بفعل معين، فواجب عليك الطاعة لرب العالمين، وإن سمعت آية يخبرك الله فيها عن شيء من الغيبيات، وجب عليك التصديق الذي يبلغ حد اليقين، ولن يستطيع إنسان بمجرد إسلامه أن يتعلم الفقه بكل أحكامه، ولكنه مع كثرة السؤال والاستفسار، يزداد علمه بربه، وتنمو المعرفة في قلبه، ومن زادت معرفته بالله ازدادت هيبته، ونما وقاره وازدادت سكينته.

وشرف لك أيها المسلم أن تتعلم الفقه في الدين، وأن تطلب العلم على أيدي العلماء الراسخين، فقد ثبت عن سيد الأنبياء والمرسلين أنه قال: (مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ)، ومن حديث أَبِي أُمَامَةَ البَاهِليِّ رضي الله عنه قَال: ذُكِرَ لرَسُول اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ رَجُلانِ، أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالآخَرُ عَالمٌ فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ: (فَضْلُ العَالمِ على العَابِدِ كَفَضْلي على أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللهِ صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْل السماوات وَالأَرَضِينَ حتى النَّمْلةَ فِي جُحْرِهَا وَحتى الحُوتَ ليُصَلُّونَ على مُعَلمِ النَّاسِ الخَيْرَ)، وهو حديث صحيح رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني.

وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار السبيل لأهل الجنة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، وهو السلاح على الأعداء، وزينة الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة، وأئمة تُقْتَص آثارهم، ويقتدي بأ فعالهم، وينتهي إلي رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل والعمل تابعه، يلهم الله العلم للسعداء، ويحرم منه الأشقياء.

وقال وهب: العلم يتشعب منه عدة خصال، الشرف وإن كان صاحبه دنيا، والقرب وإن كان صاحبه قصيا، والغني وإن كان فقيرا والنبل، وإن كان حقيرا، والمهابة وإن كان وضيعا، والسلامة وإن كان سفيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير